مذكرة الماجستير بعنوان: مكانة القوانين العضوية في النظام القانوني الجزائري PDF
مقدمة :
ترتكز الشرعية الدستورية في النظام القانوني للدولة على الدستور وذلك باعتباره القانون الأسمى و المرجع الأساسي الذي يحدد المبادئ والقواعد و الأحكام العامة، التي يتم من خلالها إدارة الحكم في دولة معينة، كما يوضح السلطات الرئيسية في الدولة السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية، السلطة القضائية، ويحدد صلاحياتها و العلاقة بينها على ضوء ما تستلزمه أحكام مبدا الفصل بين السلطات، الذي يعد الحجر الأساسي في البناء الدستوري لدولة الحق و القانون، و ركيزة من ركائز تأسيسها. وقد أخذ به المشرع الدستوري الجزائري ابتداء من دستور 1989، و كرسه في التعديل الدستوري لسنة 1996، مانحا بذلك لكل سلطة من السلطات الثلاث مجالا أصيلا خاصا بها، بحيث تتولى السلطة التشريعية مهام التشريع و التمثيل والرقابة.
ويتمثل العمل التشريعي "القانون" في مجموعة القواعد التي تسنها السلطة التشريعية في المجالات المحددة لها دستوريا و تتمثل أيضا في النص الذي تم التصويت عليه من قبل البرلمان وأصدره رئيس الجمهورية ، وقد عمل التعديل الدستوري الموافق لـ 28 نوفمبر 1996 خلافا لسابقيه على تحديد آليتين مختلفتين لسن القواعد التشريعية، أو لتدخل السلطة التشريعية و ذلك بإدخال فئة جديدة من القوانين إلى الهرم القانوني إضافة إلى القوانين العادية وهي القوانين العضوية .
وقد حدد الدستور مجالات التشريع العادي في مادته 122 بقوله :" يشرع البرلمان وأوردت هذه في الميادين التي يخصصها له الدستور وكذلك في المجالات الآتية...المادة ثلاثين (30) موضوعا تشكل مجالات للتشريع العادي ،بالإضافة الي مجالات اخرى يمكن ان يشرع فيها البرلمان بموجب تشريع عضوي وهو ما نجده في المادة 123 من التعديل الدستوري 1996 وكان اخر مجال ما تضمنه التعديل الدستوري لسنة 2008 ويتعلق الامر بالمادة (31 مكرر) المستحدثة والخاصة بتمثيل المرأة في المجالس المنتخبة.
و بذلك تم توسيع وتنويع المجالات التي يشرع فيها البرلمان مابين القوانين العادية والقوانين العضوية مما اضفي علي المجال التشريعي خاصية التنوع خلافا لما كانت عليه الدساتير السابقة . وبالرغم من أن القوانين العضوية فكرة مستوحاة من الخارج ارتبط وجودها بتطور سياسي معين لبعض الدول ففي الجزائر لا يعتبر هذا النوع نتاجا لمثل هذا المسار فيعد القانون العضوي إضافة أدرجها المؤسس الدستوري إلى القوانين العادية قصد تجنب المواضيع المهمة والتعديلات المتكررة وما قد ينبئ بتهديد الاستقرار القانوني و تسيب العمل التشريعي.
وأساس القوانين العضوية الدستور، حيث منحها هذه الطبيعة في حدود مجالاتها على سبيل الحصر و نص على وجوب سنها وصدورها في ظل مجموعة من الإجراءات الخاصة ، إضافة إلى خضوعها لمجموع الإجراءات و الشكليات العادية التي يخضع لها كل تشريع. واذا كانت الوثيقة الدستورية ورغم أهميتها باعتبارها المصدر الأول للقواعد القانونية إلا أنها ليست المصدر الوحيد في دول الدساتير المكتوبة حيث تلعب القوانين العضوية دورا هاما بجوار هذه الوثيقة نظرا لتضمنها موضوعات ومسائل دستورية
أهمية الموضوع:
في تفسير و ملائمة و تكييف أحكام الدستور ولذلك لم تترك مهمة تكميل الدستور في المجالات و المسائل و الموضوعات الدستورية و السياسية الحيوية للقانون العادي أو للسلطة التنظيمية و التنفيذية.
بما أن القوانين العضوية آلية قانونية هامة و ناجعة لتحقيق التنظيم السلطوي و تقرير مبادئ القانون العام في الدولة وذلك من خلال فاعليتها لتنظيم كيان هيئة أو دولة، فأهمية القوانين العضوية اقترنت ومن دون شك بأهمية مجالاته ولعل أهم نتيجة لهذه الأهمية تكمن في أن كل محاولة للتجاهل أو الاعتداء على نص من نصوص القانون العضوي تعد بمثابة مخالفة للدستور و تعد على الحدود الدستورية وهو ما نلمسه في نص المادة 123 من التعديل الدستوري 1996 حيث حصر المشرع الدستوري مجالات القوانين العضوية ووضع شروط لسنها من حيث المصادقة عليها بحيث لا تتم إلا بالأغلبية المطلقة للنواب و بأغلبية 4/3 أعضاء مجلس الأمة.
- كذلك فقد أخضعت المادة السالفة الذكر في فقرتها الأخيرة القانون العضوي لرقابة مدى مطابقته لأحكام الدستور من حيث الإجراءات المتبعة في سنه و المصادقة عليه من الناحية الموضوعية بداية من العنوان إلى المواد الختامية وذلك من قبل المجلس عليه المادة 165 من الدستور فالقانون العضوي معلق على الدستوري وهو ما نصت الرقابة السابقة لإصداره وهي قرينة قاطعة على أهمية القوانين العضوية من خلال وضعها تحت مجهر الرقابة لبحث مدي مطابقتها للدستور مما يعطيها مناعة و يعزز مكانتها خاصة وان إقرارها جاء بعد تدارك المؤسس الدستوري النقائص التي شابت الدساتير السابقة .
أسباب اختيار الموضوع:
وكذلك فعلى الرغم من حداثة القوانين العضوية بحيث تم استخدامها في أواخر سنة 1996 بموجب التعديل الدستوري إلا أن القانون العضوي رقم 02/99 الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة لم يشر إلى أي فرق في الإجراءات المتبعة لدراسة القوانين العضوية و العادية ولم تتعرض إلى أي تغيير او لفظ القانون العضوي في جميع مواده كأنه تناسى أن نستور 1996 قد اعتنق وسيلة إنشائية هامة للقواعد القانونية. أما النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني فاكتفى بالإشارة للقوانين العضوية دون أي تحليل للإجراءات المتعلقة بها هذا من جهة ومن جهة اخرى قلة الكتابات والدراسات في هذا المجال لاسيما عند أصحاب الاختصاص الأصيل " نواب وأعضاء البرلمان ". إذ يلاحظ جهل البعض منهم لخصوصية القوانين العضوية وهذا بالرغم مما تكتسيه مسألة تحديد مكانة هذه القوانين من أهمية تستدعي التطرق لخصوصية إجراءات إنشائها او تعديلها وذلك بوصفها عنصرا جوهريا من عناصر تحديد هويتها و طبيعتها القانونية.
فضلا عن ذلك فان الدراسات السابقة كانت تنصب حول استحداث القانون العضوي في دستور 1996 و الجوانب الداعية لدخول الجزائر عهدا جديدا في مجال القوانين العضوية ،لإعادة بناء الصرح المؤسساتي تماشيا مع الحقائق و الأوضاع الراهنة آنذاك كتصحيح للأوضاع ومحتوى الدساتير السابقة، أين تمت معالجة فكرة القانون العضوي كأداة قانونية في ظل التعديل الدستوري 1996، كذالك كانت مداخلات على الأ جح تبحث في فكرة القانون العضوي من خلال إسقاطها و تطبيقها على نموذج فريد من القوانين العضوية للوصول إن كان القانون العضوي الصادر سليما ومنسجما لفكرة القانون العضوي في حد ذاتها في ظل الاعتبارات والمعطيات الوطنية الدستورية ، ومن هنا كانت الحاجة الى البحث في مكانة القوانين العضوية من خلال ابراز خصوصية مجالاتها وتميز الإجراءات التشريعية في إعداد هذه الزمرة من القوانين وصولا إلي فعالية الرقابة الحتمية و السابقة لإصدارها وقد تزامنت هذه الدراسة بإصدار جملة من القوانين العضوية كانت بمثابة الأرض الخصبة للبحث في مكانتها في النظام القانوني الجزائري.
الإشكالية:
المنهج المتبع:
خطة الدراسة:
2 - الفصل الثاني: يتمحور حول دور المجلس الدستوري في القوانين العضوية مبرزة بذلك فى الشق الاول تميز رقابة المجلس الدستوري القوانين العضوية من حيث ماهيتها و إجراءاتها مع تحليل لآراء المجلس الدستوري بخصوص مطابقة القوانين العضوبة للدستور وجديتها فى هذا الشأن و الذي من شأنه إبراز اهمية هاته الفئة القوانين وتعزيز مكانتها في النظام القانوني الجزائري.
تعليقات
إرسال تعليق