رسالة بعنوان: مبدأ التناسب بين الخطأ المهني و العقوبة التأديبية في التشريع الجزائري PDF
مقدمة :
تعتبر الوظيفة العمومية من فروع القانون الإداري ،وأداة لتجسيد مبدا استمرارية عليه أغلب دساتير المرفق العام ومرآة عاكسة لتقدم الدول، فهي حق مكرسا دستوريا نصت العالم ، فالجزائر كغيرها من الدول نصت بموجب دساتيرها المتعاقبة على هذا الحق، حيث أثارت اليه المادة (63) في التعديل الدستور (2016) تساوي جميع المواطنين في تقليد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون".
حيث شهدت هذه الأخيرة تطور ملحوظا في الدولة الجزائرية ، فبعد ما كانت الجزائر تفتقر لمنظومة تشريعية تحكم الموظفين أثناء مسارهم المهني غداة الاستقلال وتعمل بالقوانين الفرنسية، قامت اليوم بإفراز تنظيم تشريعي للوظيفة العمومية ،وذلك بموجب قوانين متعاقبة بداية من الأمر 133/66 الذي يعتبر كأول قانون للوظيفة العمومية الى غاية الوصول إلى مقتضيات الأمر 3/06() الساري المفعول.
حيث يعتبر الأمر 03/06 المتضمن قانون الوظيفة العمومية، كنقطة تحول جذري في عمل المشرع الجزائري، لأنه يعمل على تكريس المبادئ والأسس،التي تحكم الوظيفة العمومية ،كمبدا المساواة الذي أقره صراحة وأشارت اليه المادة 74 منه، وكذلك مبدا الجدارة الذي لم ينص عليه صراحة، وانما جعله ضمنيا، ويظهر هذا المبدأ من خلال ترقية وتقييم الموظف ،لأن الترقية تعكس مبدأ الجدارة لدى الموظف وأداءه داخل الوظيفة .
كما رسخ الأمر كل الحقوق التي يكتسبها الموظف خلال مسيرته المهنية، وكذا الواجبات التى تقع على عاتقه بغية تحقيق الصالح العام ،ومدى شعوره بروح المسؤولية اتجاه الوظيفة التي يقوم بها قصد تجسيد الشفافية والمصداقية بالإدارة التي يعمل بها.
حيث أن الإدارة والموظف لهم قاسم مشترك ،وهو الحفاظ على المصلحة العامة وعدم التحيز واستغلال السلطة.
وفي ذات السياق ،اجتهد المشرع الجزائري ليقر صراحة ،أن على كل موظف الالنزام بواجباته وأن كل تخلى ،وعدم الالتزام بالواجبات المهنية تعرضه للمساءلة التأديبية، حيث استحدث المشرع الجزائري نظام تأديب للموظف الذي تقاعس عمدا عن أداء واجباته، فيعتبر التأديب الية لضمان حسن تسيير الإدارة بانتظام ،و وسيلة ردع لسلوك الموظف داخل الوظيفة.
ويقوم تأديب الموظف العام على توقيع عقوبة تأديبية في حقه، لكن وجب أن تكون متناسبة مع الخطا المرتكب، وذلك لتطبيق مبدأ التناسب بين الخطا التأديبي والعقوبة التأديبية في الوظيفة العمومية وهو موضوع دراستنا، حيث أشارت المادة 161 من الأمر 03/06 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العمومية الساري المفعول الى مبدأ التناسب.
فالنناسب يعني التوافق بين سبب القرار للإجراء المتخذ محل القرار، حيث أن نوع الجزاء الذي تفرضه السلطة التأديبية يجب أن يكون متوافقا مع الفعل المرتكب، أي توافق بين الخطأ المرتكب والعقوبة المفروضة.
تعمل سلطة التأديب على مواجهة الخرق القانوني، أو الحد من المخالفات التأديبية بقيامها بالتقدير المناسب للأخطاء ،وامتناعها عن تعسف السلطة.
فمبدأ التناسب يجب تطبيقه في القضاء المقارن بشكل جلي ،سواء في مصر أو العراق او فرنسا، وذلك من خلال التطبيقات القضائية، فكثيرة هى الأحكام التي صدرت في هذا المجال، وذلك من خلال الرقابة القضائية على القرارات التأديبية ،ومدى تناسبها مع الخطا التأديبي.
وذلك لأن القرارات التأديبية صادرة عن هيئة إدارية ويمكن أن تكون غير مشروعة ولا تتلاءم مع الخطأ المرتكب، وهو السبب الذي دفع القاضي الإداري ليتولى فحص مشروعية القرارات التأديبية ،والبحث في مدى ملاءمتها مع الأخطاء المرنكبة ،وذلك للحد من السلطة التقديرية للإدارة ،وتحقيق دولة القانون والحفاظ على مبدأ المشروعية.
أهمية الموضوع:
حيث أن مبدأ التناسب يعتبر من المبادئ العامة للقانون الإداري، حيث يجب على الإدارة الالتزام به حتى اذا لم ينص عليه القانون صراحة، لأنه جزء لا يتجزا من مبدأ المشروعية.
كما أن مبدا التناسب يعتبر من أهم مواضيع القانون الإداري، لارتباطه بالمصلحة العامة، والحماية القانونية للموظف ،من خلال اتاحة الفرصة للموظف لمخاصمة السلطة التأديبية أمام القاضي الإداري.
أسباب اختار الموضوع:
صعوبات الدراسة:
الإشكالية:
المنهج المتبع:
ولتنفيذ بحثنا قمنا بتقسيم هذه الدراسة الى فصلين،(الفصل الأول) الموسوم بدور السلطة التأديبية في أعمال مبدأ التناسب في التشريع الجزائري، وقد قسمت هذا الفصل الى ثلاث مباحث، حيث تناولت في (المبحث الأول) الاطار القانوني للخطأ التأديبي، وفي( المبحث الثاني) تناولت الاطار القانوني للعقوبة التأديبية،ثم تطرقت في (المبحث الثالث) الى السلطة التأديبية المختصة بتوقيع العقوبة المناسبة في التشريع الجزائري.
في حين تضمن (الفصل الثاني) الرقابة القضائية على مبدأ التناسب والقيود الواقعة عليه، حيث قسمته الى مبحثين خصصت (المبحث الأول) لموقف الفقه والقضاء من الرقابة القضائية، أما (المبحث الثاني) للضمانات المقررة للموظف في مجال التأديب.
القوانين:
تعليقات
إرسال تعليق