القائمة الرئيسية

الصفحات

مبدئ سيادة البرلمان في التشريع الجزائري

 مذكرة الماجستير بعنوان: مبدئ سيادة البرلمان في التشريع الجزائري PDF

مبدئ سيادة البرلمان في التشريع الجزائري PDF

مقدمة:
المتعارف عليه أن مؤسسات الدولة تتكون من ثلاث هيئات وهي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية على أن تضطلع كل سلطة بالصلاحيات والاختصاصات الدستورية والقانونية المنوطة بها، حيث تقوم السلطة التنفيذية بتنفيذ القوانين وتطبيقها، والسلطة التشريعية بإصدار القوانين في الدولة، وتقوم السلطة القضائية على احترام التشريعات، وتعمل كل سلطة في مجال اختصاصاتها بما يفتح المجال واسعا أمام اتقان الدور والعمل الدي تقوم به كل سلطة على أحسن وجه لخدمة المجتمع.

وتعتبر السلطة التشريعية من أهم مؤسسات الدولة باعتبارها الجهة القائمة بسن القوانين المنظمة للحياة العامة داخل المجتمع ويعتبر الشعب مصدرا أساسيا لهذه التشريعات من خلال كون السلطة التشريعية تنوب عنه لإعدادالقوانين من خلال هيئات مخولة قانونا بالتشريع والمتمثلة في المجالس النيابية أو البرلمان.

وبما أن البرلمان مؤسسة منبثقة من الإرادة الحرظلناخبين وتكتسب مصداقيتها من ثقته ونزاهتها من حرية اختيارهم فإن السيادة التشريعية للبرلمان تنتقل له عن طريق الشعب ويمارسها عن طريق نوابه فيالبرلمان والشعب حر في اختيار من يمثله في البرلمان ولا حدود لتمثيله إلا مانص عليه الدستور وقانون الانتخابات.

واعتبر فقهاء القانون العام أن الرابطة القائمة بين النائب وناخبيه هو نوع من التفويض للسيادة من قبل المواطنين الحائزين لها بحكم الدستور إلى اشخاص آخرين يمارسونها نيابة عنهم، وهي في لغة القانون الخاص عقد وكالة شرفي يعمل بموجبه النواب على تلقي انشغالاتهم ونقلها الى السلطة التنفيذية، وتنظيم الحياة اليومية عن طريق وضع نصوص قانونية تنظم العلاقات بين الأشخاص في المجتمع طبقا للإجراءات المقررة لذلك وتزداد قوة البرلمان كلما كانت معبرة عن تطلعات المواطنين وإرادتهم في الشؤون العامة.

وعهدت السيادة التشريعية للبرلمان مع ظهور المبادئ الديمقراطية التي نادت بمبدأ الفصل بين سلطات الدولة لأن هذاالمبدأ هو الأساس الأول الداعم لمبدأ السيادة التشريعية للبرلمانات ونادى كثير من مفكري القرنين السابع عشر والثامن عشر بفكرة الفصل بين السلطات وكان من أهم هؤلاء المفكرين لوك و مونتسكيو حيث أعطوا الصدارة للبرلمان في صنع القوانين المنظمة لمختلف أوجه الحياة في الدولة وإصدارها وحسن تطبيقها ويتشكل البرلمان من مجلس منتخب من طرف الشعب.

وفي الجزائر نسب للبرلمان السيادة التشريعية في إعداد النصوص القانونية منذأول برلمان للجمهورية الجزائرية غداة الاستقلال فتم انتخاب أول مجلس وطني لمدة أربع سنوات عن طريق الاقتراع العام والمباشر السري في دور واحد ،ويمارس الوظيفة التشريعية عن طريق دراسة مشاريع القوانين أو اقتراحات القوانين التي تودع لدى مكتب المجلس قصد دراستها والتصديق عليها.

كما أكد دستور1976 على السيادة التشريعية للبرلمان على أن يضطلع بالوظيفة التشريعية مجلس واحد يسمى المجلس الشعبي الوطني، وينتخب عن طريق الاقتراع العام والمباشر والسري على القائمة ذات الأغلبية في دور واحد وله في نطاق اختصاصاته سلطة التشريع بكامل السيادة، كما دعمت السيادة التشريعية للبرلمان في ظل دستور 1989 هذا الأخير الذي دعم السيادة التشريعية للبرلمان باعتباره أول دستور تبنى مبدأ الفصل بين السلطات وفتح الباب أمام إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي مما يفسح المجال أمام فئات
الشعب المختلفتللمشاركة في العملية السياسية.

جاء دستور 1996 حاملا في طياته تعديلات مهمة وأساسية على مستوى السلطة التشريعية والتي تعتبر قفزة نوعية في إصلاحات البرلمان الجزائري حيث تم تأي مبدأالازدواجية البرلمانية بإحداث مجلس الأمة كغرفة ثانية بجانب المجلس الشعبي الوطني ،ولعل الهدف من إضافة مجلس الأمة هو تدعيم الديمقراطية داخل البرلمان الجزائري قصد توسيع مبدأ السيادة التشريعية للبرلمان التي تفتقرها البرلمانات السابقة في التجربة الجزائرية كما تم إحداث تعديلات في المجال التشريعي الممنوح له بتوسيع مجال القانون وإدخال طائفة القوانين العضويةإلى هرم تدرج القواعد القانونية.

إلا أنه ومع زيادة مشكلات الحياة أصبحت الوظيفة التشريعية للبرلمان تتضاءل وأصبح المعطى الحقيقي لفكرة السيادة التشريعية للبرلمان تتضاءلبسبب عدم منح دستور 1996 للضمانات الفعلية لممارسة هده السيادة بالإضافةإلى مجالات وميادين قد تكون أصلا م اختصاصه.

أهمة الدراسة:

أنيط للسلطة التشريعية وظيفة التشريع وسن القوانين والتصديق على مشاريع السياسة العامة في الدولة، والبرلمان هو تلك الهيئة السياسية المشكلة من مجلس أو مجلسين يضم كل بسلطة البت في المواضيع التي تدخل في اختصاصه وأهمها منهما عددمن النواب ويتمتع التشريع والمراقبة، فالبرلمان هو الوحيد القادر على التعبير عن رغبات الرأي العام ممثلا في مختلف اتجاهاته ورغباته ودوافعه ومصالحه.

ويتم اختيارأعضاء البرلمان عادة بأسلوب الانتخاب الشعبي المباشرويتميز بمكانة خاصة ومتميزة بالنسبة إلى السلطتين التنفيذية والقضائية فالبرلمان يحتل مركز الصدارة في النظام السياسي متى كان يستند الى أساس ديمقراطي.

وفي إطار المحافظة على استقرار مؤسسات الدولة واستمراريتها فقد تم تبني دستور 1996 نظام البيكاميرالية كما هو معمول به في كثير من الأنظمة الديمقراطية وبهدف الجماعات المحلية وكذلك الكفاءات مضاعفة مجال التمثيل الوطني عن طريق ضم منتخبي ضمان مسار تشريعي أحسن ودرأ لمخاطر استغلال حزبي والشخصيات الوطنية ومن ثم
لمجالات في غاية الأهمية وتمكين البرلمان من التشريع بقوانين عضوية في مجالات ذات مضمون دستوري وتتم المصادقة عليها بالأغلبية المطلقة لنواب المجلس الشعبي الوطني وأغلبية ثلاث أرباع مجلس الامة مع خضوعها لرقابة المطابقة بعد إخطار رئيس الجمهورية كل هذه التعديلات من أجل قصد تكريس الديمقراطية داخل البرلمان الجزائري.

-ومن هنا تظهر أهمية الموضوع من الناحيتين العلمية والعملية وتكمن الأهمية العلمية في الوقوف عند حقيقة السيادة التشريعية للبرلمان باعتباره هيئة تمثل مختلف فئات الشعب وساحة تتنافس فيها التيارات السياسية والتعرف على صلاحيته الفعلية والفعالة المتنوعة المنسوبة له مقارنة بالبرلمانات العريقة.

أما الأهمية العملية هي التعرف عن السيادة التشريعية للبرلمان الجزائري ودوره في بناء دولة القانون التي تحترم فيها الحقوق والحريات الفردية والجماعية وسن القواعد القانونية الناظمة التي تحفظ الوطن وتحمي المواطنة وتكلفه بواجب المواطنة وتعزيز الديمقراطية وتفعيل دور المؤسسة التشريعية وترسيخ الحكم الراشد.

أسباب اختيار الموضوع:

أكدت التجارب الدستورية العريقة على السيادة التشريعية للبرلمان وهذا ما أخذ به الدستور الجزائري الحالي وفقا للمادة98 والتي منحت للبرلمان السيادة في إعداد القانون والتصويت عليه من طرف غرفتيه هما المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة إلا أنه ومع زيادة مشكلات الحياة التي أصبحت تحتاج الى طبيعة فنية قد يعجز البرلمان على مواجهتها على الوجه السليم وبالسرعة اللازمة أصبحت هذه السيادة محتشمة وأصبح المركز القانوني للسلطة التشريعية يتضاءل وكان هذا سببا في أن أصب دراستي على مبدا السيادة التشريعية للبرلمان الجزائري عسانا نتمكن من ايراز مواطن الضعف والقوة.

الأسباب الذاتية أنه باعتباري دارسة لتخصص القانون الدستوري وأن البرلمان و من هو مؤسسة من المؤسسات الدستورية للدولة من مميزاته أنه صاحب السيادة التشريعية يستمدها من صاحبها الفعلي وهو الشعب، كون البرلمان هو الوحيد القادر على التعبير بصدق على رأي الشعب أردت أن أتعمق في هذه الدراسة لتقييم مدى السيادة البرلمانية في إعداد القانون والتصويت عليه وهل فعلاالإرادة الشعبية هي صاحبة التشريع.

الاشكالية:

الأصل أن دولة القانون ترتكز على مبدا سيادة القانون الذي ينجم عنه سيادة البرلمان في صنع القانون وهذا ما أكده الدستور الجزائري وفقا للمادة 98 والتي من خلالها تم رد الاعتبار للبرلمان بعدما افتكت منه هذه السيادة في الدساتير السابقة نظرا لغياب الضمانات الحقيقية التي يرتكز عليها البرلمان لممارسة وظيفته التشريعية وتم إنشاء غرفة ثانية بجانب الغرفة الأولى قصد توسيع نطاق الاختصاص التشريعي إلا أنه ومن جهة أخرى بدأت الصلاحية التشريعية للبرلمان تتراجع نظرا للتحديد الحصري لمجالات تدخل البرلمان في التشريع واستبعادها من التنظيم الخاص بتطبيق التشريع وحرمانه من التشريع في المجال المالي وفرض تعجيزات على النواب تعيقهم على صنع القانون بالإضافة الى تحكم رئيس الجمهورية في مصير القانون وتصاعد الوظيفة التشريعية لرئيس الجمهورية بالرغم من التحديد الدستوري لأوقات استعمال رئيس الجمهورية لهذه الأوامر حيث باتت هده الأوامر أصلا لا استثناء.

انطلاقا من فكرة أن البرلمان سيد نفسه في صنع القانون فهل هو حر في إعداد القانون والتصويت عليه كما نصت عليه المادة 98 من الدستور الجزائري لسنة 1996 ،أم هناك من يشاركه بل ويستحوذ عليها؟.
ومن الواضح أن هذه الإشكالية تضم في جوانبها أفكارا مترابطة يمكن تفصيلها في شكل تساؤلات فرعية يشكل كل واحد منها محور من المحاور الأساسية لهدا البحث هذه
التساؤ لات يمكن إجمالها في ما يلي:
1- إلى أي مدى يمكن الحديث عن مبدأ سيادة البرلمان في إعداد القانون والتصويت عليه؟
2-كيف نفسر تزايد مشاريع القوانين على حساب اقتراحات القوانين؟.
3-كيف نفسر تزايد الوظيفة التشريعية لرئيس الجمهورية في ظل تبني مبدا الفصل بين السلطات».

منهج الدراسة:

تقتضي الدراسة إتباع منهج بحث رئيسي هو المنهج التحليلي حيث نتمكن من خلاله من إجراء دراسة تحليلية للنصوص الدستورية والقانونية المتعلقة بمبدأ سيادة البرلمان في التشريع الجزائري.
وكذلك نعتمد على المناهج التالية كمناهج بحث تكميلية:
المنهج التاريخي: حيث تم تتبع الوظيفة التشريعية للبرلمان عبر مختلف الدساتير.
المنهج النقدي: قصد معاينة أوجه القصور لبعض النصوص الدستورية والقانونية المتعلقة بالوظيفة التشريعية.
المنهج المقارن: وذلك لمقارنة التجربة الجزائرية بغيرها من التجارب الدستورية.

سبق للبحوث العلمية الأكاديمية في الدراسات العلمية أن تناولت موضوع السلطة اختصاصهذه الأخيرة ألا وهو التشريعية من زوايا متعددة وباعتباري تناولت جزء من التشريع من باب تقييم هذه الوظيفة فقد واجهتني مجموعة من الصعوبات من بينها نقص المراجع التي تساعد على جمع وتنظيم عناصر الموضوع بالاستقراء والشرح والنقد.

خطة الدراسة:

استلزمت الدراسة تقسيمها الى فصل تمهيدي وفصلين أساسيين ، حيث تناولت في الفصل التمهيدي الأسس الداعمة لمبدأ سيادة البرلمان في التشريع الجزائري وتطبيقاته في التجربة الدستورية الجزائرية في ظل الدساتير الإشتراكية و الدساتير الليبرالية ، وفي الأنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان و القانون العضوي 99-02 الناظم لغرفتي البرلمان والعلاقة الوظيفية بينه وبين الحكومة.

أما الفصل الأول فتناولت الدراسة سيادة البرلمان في اعداد القانون والتصويت عليها ، من خلال ابراز ضعف سلطة البرلمان في اعداد القانون و التصويت عليه والقيود الواردة عليه في عملية التشريع ، والقيود الواردة على اقتراحات النواب و الإجراءات التشريعية .

أما الفصل الثاني فتصب الدراسة على مشاركة السلطة التنفيذية للبرلمان الجزائري في العملية التشريعية من خلال تدخل السلطة التنفيذية في العملية التشريعية، بالإضافة الى تصاعد الوظيفة التشريعية للأوامر الرئاسية وتزويدها بضمانات تضمن لها المرور بدون أي عراقيل تواجهها.

---------------------------
قائمة المراجع :

1 - النصوص القانونية
- دستور 1963/10/28
- دستور 1976/11/19
دستور 1989/02/23
- دستور 1996/11/28
دستور الجمهورية الفرنسية الصادر بتاريخ 04 أكتوبر 1958.

2-القوانين العضوية
القانون العضوي 2/99 المؤرخ في 8 مارس 1999 يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة و عملهما و العلاقة الوظيفية بينهما و بين الحكومةالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية المؤرخة في 9 مارس 1999.

3- المراسيم
المرسوم الرئاسي رقم 92—01، المتضمن حل المجلس الشعبي الوطني.
المرسوم الرئاسي رقم 92—16 المتضمن تعيين أعضاء المجلس الاستشاري الوطني.
المرسوم الرئاسي رقم 92—39 المتضمن تحديد صلاحيات المجلس الاستشاري الوطني،
وتنظيمه وطرق عمله.
المرسوم الرئاسي رقم 384/84 المؤرخ في 1984/12/21 المعدل والمتمم بالمرسوم412/90 المؤرخ في 1990/12/22.
أمر رقم 97—07 مؤرخ في 27 شوال 1417 الموافق ل 6 مارس 1997، تضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.
أمر رقم 97—07 مؤرخ في 27 شوال 1417 الموافق ل 6 مارس 1997 يتضمن القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية.
أمر رقم 97—08 مؤرخ في 27 شوال 1417 الموافق ل 6 مارس 1997 المتضمن عدد المقاعد المطلوب شغلها في انتخابات البرلمان.
المرسوم التنفيذي رقم 04/98 الصادر 1/17/1998 المحدد لصاحيات الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان.

تعليقات