مذكرة الماجستير بعنوان: دور الهيئات القضائية و الإدارية و السياسية في العملية الإنتخابية في الجزائر PDF
المـقـدمـة:
إن العملية الانتخابية هي حجـر الزاوية فـي البناء، لأي نظام ديمقراطي يتمتع بالشرعية القانونية والأخلاقية، حيث يتمكن من خلالها المواطنون من اختيار قادتهـم وممثليهم في مختلف الهيئات المنتخبة محليا، ووطنيا، ولقد تمكنت شعوب العالم من انتزاع هذا الحق، بعد صراعات طويلة ضد الظلم والطغيان، وحكم الأباطرة والملوك المستبدين، فقد مر التطور التاريخي من حالة الاستبداد المطلق عندما كان الملوك يعتبرون أنفسهم آلهة أو حكاما بالتفويض الإلهي، إلى ما هو الوضع عليه الآن من أن الشعوب في الكثير من البلدان، غدت صاحبة الشأن في تعيين من يحكمها عن طريق الانتخاب بمراحل عدة، ويعد الماجنا كارتا أو العهد العظيم أول وثيقة في العصر الوسيط تحدثت عن حقوق المواطنين ،ورغم أن هذه الوثيقة لم تعطي للمواطنين الحق في تعيين الحكام أو عزلهم إلا أنها تحتوي على أمور عدة منها مطالبة الملك بأن يمنح حريات معينة وأن يقبل بأن حريته لن تكون مطلقة.
وكذلك يعتبر إعلان الاستقلال الأمريكي، واحدا من أهم المواثيق التي مهدت لحرية الشعوب في اختيار من يحكمها حيث صدر بعد انتصار الثورة الأمريكية ضد سلطة الملك البريطاني، حيث نص على أن جميع البشر خلقوا متساوين، وأنهم وهبوا من خالقهم حقوق غير قابلة للتصرف، وأن من بين هذه الحقوق حق الحياة والحرية والسعي وارء السعادة.
وكذلك جاءت نظريات العقد الاجتماعي في أوروبا خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر على يد مجموعة من المفكرين والفلاسفة على راسهم جون جاك روسو، الذي كان من المدافعين على الحق في الانتخاب وكذلك مونتيسكيو الذي يقول بأن التجارب الأبدية للبشرية أثبتت أن كل إنسان يتمتع بسلطة يسيء استعمالها، إذ يتمادى في هذا الاستعمال حتى يجد حدودا توقفه، إن الفضيلة نفسها بحاجة إلى حدود، وقد اتفق رواد النهضة الأوروبية جميعهم على أن أصل السلطة هو الإاردة الحرة للإنسان، وٕإج ء الانتخابات يعتبر بمثابة إرجاع السلطة للأمة أو الشعب من أجل انتخاب السلطات المختلفة والمستقلة عن بعضها منعا للاستبداد لأن تجميع السلطات في يد واحدة يؤدي إلى إساءة استخدامها.
ولكن إجراء العملية الانتخابية في أي بلد من البلدان لا يعني أنها تتمتع بالنزاهة والشفافية بشكل تلقائي، بل لابد من توفر مجموعة من الضمانات تسهر على تطبيقها مجموعة من الهيئات داخل الدولة، حيث تسند لها مهام محددة تقوم بها أثناء المراحل المختلفة للعملية الانتخابية، من أجل الوصول إلىانتخابات شفافة يتمكن من خلالها المواطنون من انتخاب حكامهم وقادتهم بكل حرية.
في الجزائر يمكننا أن نقول أن العملية الانتخابية مرت بمرحلتين مختلفتين، مرحلـة الحزب الواحد ،ومرحلة التعددية، امتدت المرحلة الأولى من الاستقلال وحتى صدور دستور التعددية السياسية في فيفري 1989، ولم يكن للانتخابات في ظل دستوري 1963 و1976 أي تأثير في اختيار الممثلين لأن مبدأ التنافس في الانتخاب غير موجود، والعملية الانتخابية عبارة على انتخابات من القائمة الواحدة، أي أن الحزب الواحد ممثلا في حزب جبهة التحرير الوطني كان يعرض على المواطنين قائمة واحدة يختار من بينها الناخبون ممثليهم في المجالس المنتخبة، أما في الانتخابات الرئاسية فكانت عبارة على استفتاء أو بالأحرى تزكية حيث يكون هناك مترشحا واحدا يتم تزكيته من طرف الناخبين، وينتهي الأمر عند هذا الحد، وبالتالي لا يمكننا أن نقول بأن هذه المرحلة كانت تعرف انتخابات بمعناها الحقيقي والتعددي، أما المرحلة الثانية من تاريخ العملية الانتخابية في الجزائر أصبح فيها الاختيار يتم بين أكثر من قائمة أو مترشح.
أما الآن فالعملية الانتخابية في الجازئر ينظمها القانون العضوي 12 -01 المتعلق بنظام الانتخابات وكذلك مجموعة من القوانين والمراسيم المختلفة، وسندرس في هذا البحث ماهية الهيئات القضائية والإدارية والسياسية المتدخلة في العملية الانتخابية في الجزائر، وتركيزنا على هذه الهيئات لا يعني أنه لا توجد هيئات أخرى تتدخل في الفعل الانتخابي في الجزائر، بل أن اختيارنا لها دون سواها جاء بناء على الدور الحاسم الذي تلعبه في هذه العملية كما سنرى.
أهميـة الموضـوع:
إن معرفـة الهيئات القضائيـة والإداريـة والسياسيـة، المتدخلة في العملية الانتخابية وٕإدراك دور كل هيئة منها، ومدى مساهمتها في هذه العمليـة، يمكننـا من تحديـد العيـوب والنقائص التي تعتـري عمـل هذه الجهـات، ما يساعـدنا على وضـع الاقتراحات المناسبـة للرفع من مصداقيـة و نزاهة العملية الانتخابية كهـدف منشـود، وهو ما يؤدي في النهاية إلى الارتقاء بالممارسة الديمقراطية، والوصول إلى مؤسسات منتخبة تتمتع بالشرعية الكافية من الناحية القانونية و العملية.الإشكاليـة:
من خلال ما سبق قولـه يمكننا أن نقول بأنه لنجاح أي عمليـة انتخابية لابد مـن تدخل فعـال للهيئاتالقضائيـة والإدارية والسياسية المختلفة وهذا يضعنا أمـام الإشكالية التالية:هـل تقوم الهيئات القضائية والإداري ـة والسياسيـة في الجازئـر بالدور الكافي للوصول إلى انتخابات نزيهـة وشفافة؟.
- للإجابة على هذه الإشكالية نطـرح الأسئلة التالية:
1- ما هو دور كـل جهة من هذه الجهات في الفعل الانتخابي؟
2- ما هي السلبيات التي تعتري عمـل هـذه الهيئات؟
3- ما هي الاقتراحات المناسبة لتحسين العمل الذي تقوم به هذه الجهـات في العملية الانتخابية بما يؤدي إلى انتخابات شفافة و نزيهة؟
منهـج الدارسـة المتبـع:
تتطلب دراسة هذا الموضوع الاعتماد على منهج أساسي هو المنهج الوصفـي، من أجـل سرد دور الهيئات الإداريـة والسياسيـة والقضائيـة المختلفة في العملية الانتخابية كما هو منصوص عليه في المنظومة القانونية الجزائرية و على رأسها القانون العضوي رقم 12-01 المتعلق بنظام الانتخابات.وكذلك نعتمد على المنهجين التكميليين التاليين:
1 - المنهـج التحليلـي: نقوم من خلاله بتحليل ودراسة النصوص القانونية الخاصة بتحديـد دور هذه الهيئات في العملية الانتخابية.
2 -المنهج النقدي: والذي نـتمكن بواسطته من نقد النصوص القانونية محـل الدراسة لتحديد أوجه الخلل التي تعتريها، من أجل الوصول إلى وضع اقتراحات مناسبة لتلافي أوجه القصـور الموجـود، ما يؤدي في النهاية إلى انتخابات تتمتع بالنزاهـة والشفافيـة المطلوبة.
الدارس ـات السابقـة: برجوعنـا إلى المكتبـة القانونية لم نجد كتب أو دراسات خصصت بشكـل كامـل لمناقشة موضوع الانتخابـات منزاوية الهيئات المتدخلة في الفعل الانتخابي، باستثناء الإشـارة الجانبيـة في بعض المراجع لدور الهيئـات المختلفـة في العملية الانتخابية، وزيادة على ذلك فـإن القانـون العضويالمتعلق بنظام الانتخابات حديث الصدور ولم نجد مراجع تعـالج هذا الموضـوع انطلاقا من أحكام القانون السـاري، إلا أننا تحصلنا على نسخـة من رسالـة الدكتواره تحت عنوان (الإجراءات الممهدة للعملية الانتخابية في الجزائـر)، الدكتور أحمد بنيني، جامعة الحاج لخضر، سنة 2006.
سنقسم هذا البحث إلىرابعة فصول تكون كالآتي:
الفصل الأول: مفاهيم عامة حول الانتخابات
الفصل الثاني: دور الهيئات القضائية في العملية الانتخابية الفصل الثالث: دور الهيئات الإدارية في العملية الانتخابية الفصل الرابع: دور الهيئات السياسية في العملية الانتخابية
---------------------------
قائمة المراجع :
1- الدستور
2- المرسوم الرئاسي رقم 14 -08 المؤرخ في 15 ربيع الأول عام 1435 الموافق 17 يناير سنة 2014، المتضمن استدعاء هيئة الناخبين لانتخاب رئيس الجمهورية.
3- المرسوم الرئاسي رقم 14 -09 المؤرخ في 15 ربيع الأول عام 1435 الموافق 17 يناير 2014 يتضمن تعيين أعضاء اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات الرئاسية لسنة 2014.
4- المرسوم التنفيذي رقم 12-342 المؤرخ في 25 شوال عام 1433 الموافق 12 سبتمبر سنة 2012 المحدد لعدد المقاعد المطلوب شغلها لانتخاب أعضاء المجالس الشعبية البلدية والولائية.
5- المرسوم الرئاسي رقم 12ـ306 المتضمن استدعاء الهيئة الانتخابية لانتخاب أعضاء المجالس الشعبية البلدية والولائية لانتخابات التاسع والعشرين نوفمبر سنة 2012.
6- القرار المؤرخ في 7 جمادى الثانية عام 1433 الموافق 29 أبريل سنة 2012 الذي يعدل ويتمم القرار المؤرخ في 28 ربيع الثاني 1433 الموافق لـ21 مارس 2012، المتعلق بتحديد عدد وتشكيلة اللجان الانتخابية للدوائر الدبلوماسية والقنصلية لتصويت المواطنين الجزائريين في الخارج لانتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني.
7- القرار المؤرخ في 28 ربيع الثاني 1433 الموافق لـ21 مارس 2012، المتعلق بتحديد عدد وتشكيلة اللجان الانتخابية للدوائر الدبلوماسية والقنصلية لتصويت المواطنين الجزائريين في الخارج لانتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني.
8- النظام المؤرخ في 16 أبريل 2012 المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري، المنشور بالجريدة الرسمية للجمهورية العدد 26، المؤرخ في 03 ماي 2012.
تعليقات
إرسال تعليق