القائمة الرئيسية

الصفحات

تأثير مخرجات البحث العلمي على التنمية المحلية في الجزائر

 أطروحة بعنوان: تأثير مخرجات البحث العلمي على التنمية المحلية في الجزائر - دراسة حالة جامعة سعيدة -PDF

تأثير مخرجات البحث العلمي على التنمية المحلية في الجزائر - دراسة حالة جامعة سعيدة -PDF

مقدمة :
البحث العلمي و التنمية، مفهومان تطوارن بنيويا و وظيفيا، حيثراتقت منظومة البحث العلمي مع تعدد مهام الجامعات بتحولها من النمط الكلاسيكي الذي يركز على التعليم و التدريس إلى النمط الحديث الذي يركز أكثر على إنتاج المعرفة و تسويقها، ما أدى إلى ظهور أنماط جديدة للجامعات (الجامعة المقاولاتية، الجامعة البحثية المتخصصة)، كما تحول مستوى إنتاج البحوث العلمية من منظور خطي أحادي يرتكز على التخصص الواحد القائم بذاته نظريا و مفاهيميا، إلى منظور شبكي مرتكز على مفهوم متعدد التخصصات، و هذا نظرا لتعقد المشاكل المختلفة و المطروحة على مجتمع العلماء والباحثين، وتداخلها البنيوي الذي يشمل عدة أبعاد لنفس الظاهرة المدروسة أو المشكلة المطروحة.

من جهة أخرى، تدرج مفهوم التنمية من منظور أولوية النمو إلى منظور حتمية الإستدامة، و لا حديث في الوقت الراهن عن تنمية بدون تقنية أو بدون إبتكار، تأخذ في الحسبان البعد المحلي، البيئي والبعد البشري كأهم الأبعاد باعتبارها وسيلة و غاية في نفس الوقت، كما أصبحت التنمية (سواء على المستوى المركزي أو على المستوى المحلي) في ظل تطور تكنولوجيات الإعلام و الاتصال مدفوعة بالإبتكار في مفهومه المفتوح أو الموسع، الذي أسس لمفهوم المشاركة العلمية للمواطنين و المكملة للمشاركة السياسية، و تولد نظام جديد ضمن استراتيجيات البحث العلمي في مختلف الدول سمي بالنظام الوطني للإبتكار والذي أصبح يقدم الأساس المفاهيمي الجديد لسياسات العلوم و التكنولوجيا و الإبتكار.

لقد كان الإهتمام بمنظومة البحث العلمي في مختلف الدول بتطبيق إستراتيجيات مرنة و مشجعة للبحث العلمي، الأثر البالغ على التنويع الاقتصادي و التقدم التقني في ظل سياسات الاقتصاد الحر، وما أفرزته من تنافسية حادة بين اقتصاديات الدول، بحيث اتجهت جميع الإصلاحات إلى تقوية العلاقة بين الجامعة و المحيط الخارجي لا سيما القطاع الصناعي و التكنولوجي منه، عن طريق تفعيل شراكات علمية/ بحثية في مجالات بحوث التطوير و التجريب، و في إطار التفاعل و تبادل المصالح بين هذه الفواعل.

إن حاجة الصناعات المختلفة للمؤسسات البحثية تتزايد يوما بعد يوما بغرض تحقيق التنافسية والحفاظ على مبدأ الاستمرارية و الدوام، بتطوير أساليب العمل و الإنتاج و بسياسات إبتكارية متجددة، في المقابل تظهر حاجة مؤسسات البحث لمختلف قطاعات الأعمال بغرض تمويل البحوث و إقامة شراكات تعاقد ،لا سيما في ظل الأزمات المالية التي تعرفها حكومات الدول و عجزها عن تلبية جميع الحاجات المجتمعية، ما يستدعي اللجوء والبحث عن مصادر تمويل خارجية وفك الارتباط عن التمويل الحكومي.

هذا التفاعل أضفى بعد محلي على البحث العلمي، حيث نشأت نقاط تمركز لنشاطات البحث و التطوير التكنولوجي منتشرة جغرافيا على الأقاليم المحلية للدول، بغرض استغلال كل المقومات المحلية للأقاليم و توظيفها لصالح التنمية المحلية، وفق منظور البحث و السعي للإبتكار الذي يعالج كل المشاكل المحلية المطروحة و بتجاوز لكل مفهوم كلاسيكي مبني على التخطيط المركزي، و هذا التفاعل هو شكل جديد لعلاقة العلم بالمجتمع و نمط متغير للمنظور التنموي الذي تلاشى من سيطرة المركز إلى ضرورة إقحام الأطراف و الفواعل المحلية، التي تحتل فيها الجامعة مرتبة متقدمة من حيث التأثير.

إلى جانب هذا المظهر الاقتصادي الربحي الناتج عن آثار البحث العلمي، نطرح في دراستنا مظهر تسييري/ إداري لمنظومة البحث العلمي، و المقصود به تسليط الضوء على الإهتمام الواضح من طرف حكومات الدول و المنظمات الدولية المختصة بشؤون البحث العلمي و التطوير التكنولوجي في تبني استراتيجيات و إعتماد أدوات قياس و تقييم لمدخلات و مخرجات البحث العلمي، التي نتجت عنها عدة مرجعيات دولية أهمها "دليل فراسكاتي" الذي يعتبر مرجعا دوليا يهتم بتوفير الإحصائيات بشأن الموارد المالية و البشرية لأغراض البحث و التطوير، إلى جانب القياسات البيبليومترية التي توفر مؤشرات مختلفة عن الإنتاج العلمي بجميع مظاهره (النشر العلمي، براءات الاختراع، التقنيات، الخدمات، جوائز نوبل) و هي مدرجة في الكثير من قواعد البيانات العلمية المشهورة دوليا كشبكة العلوم (WoS :Web Of Science)، قاعدة بيانات (SCOPUS)، قياسات الباحث العلمي "قوقل سكولر" (GSM:Google Scholar Metrics)، تقارير استشهاد المجلات (JCR) الصادرة عن "طومسون رويترز" (Thomson Reuters)، إلى جانب مؤشارت اقتصادية عالمية كمؤشر التنافسية العالمية و مؤشر الإبتكار العالمي، اللذان يحددان مستوى اقتصاديات الدول مع الأخذ بعين الإعتبار معايير البحث و الإبتكار كمؤشرات تقدم للدول.

الجزائر كغيرها من الدول السائرة في طريق النمو، حاولت القيام بإصلاحات متكررة لقطاع التعليم العالي و البحث العلمي، حيث عرف هذا القطاع عدم استقرار مؤسسي و قصور في مهمة البحث العلمي اتجاه التنمية عموما و باتجاه التنمية المحلية على وجه الخصوص، و هذا في مقابل الطلب المتزايد على التعليم، و حاجة البحث العلمي إلى المزيد من الإنفاق حتى يحقق الأهداف المسطرة في إطار السياسة الوطنية للبحث العلمي، من هذا المنطلق و بناءا على كل المؤشرات المذكورة سابقا، نحاول تسليط الضوء على واقع البحث العلمي في الجزائر من خلال التعرض للتطور التاريخي لمأسسة البحث العلمي و فهم ديناميته بالإشارة إلى بنيته، وظائفه، مقوماته و معوقاته، من جهة أخرى فإن دراسة وتقييم البعد المحلي للبحث العلمي إسقاطا على ما تم القيام به من إصلاحات في منظومة البحث العلمي بالجزائر، يحتاج إلى تدعيم البحث بدراسة حالة على المستوى المحلي (جامعة سعيدة)، نتعرض فيها إلى تأثير عينة لمخرجات البحث العلمي، و أهم المعوقات التي تحول دون أي تفعيل أو تثمين لنتائج هذه المخرجات مع تحديد طبيعتها و اتجاهات تأثيرها على التنمية المحلية.

1 - أسباب اختيار الموضوع:

أ .الأسباب الموضوعية: من بين أهم الأسباب الموضوعية التي دفعتنا لإجراء هذه الدراسة نذكر ما يلي:
− فشل المنظور التنموي المحلي للكثير من الدول العربية و الجزائر على وجه الخصوص، و عجزها عن ترقية منظومة البحث العلمي و تفعيلها باتجاه التنمية ،ما يدفعنا للبحث عن المعوقات الرئيسية رغم توفر الكثير من المقومات المادية و البشرية؛
− انتشار المؤسسات الجامعية جغرافيا (محليا) على كامل التراب الوطني، و اعتبارها من أهم الفواعل الأساسية المحلية، يفترض منها المساهمة الفعالة في تحقيق التنمية المحلية من خلال البحث العلمي كأحد أهم وظائفها، و التي أصبحت التنمية مدفوعة به أساسا وفق منظور الإبتكار؛
− ضرورة الاهتمام بالبعد المحلي في الدراسة وفق منظور(الإقليم/الفاعل)، نتيجة لطبيعة الإشكالية المطروحة و المتعلقة أساسا بمتغيرين تتحتم دراستهما في إطار إقليمي محلي.

ب. الأسباب الذاتية: غالبا ما ينبع الاهتمام بدراسة موضوع ما و يدفع بسبب ذاتي متعلق بميول الباحث اتجاه الظاهرة المدروسة و انتمائه الوظيفي، و هو الدافع الحقيقي الأول كون أن الباحث موظف بالجامعة محل الدراسة، ثانيا الشعور بالمسؤولية كباحث منتمي للأسرة الجامعية ينبغي عليه التشبع بثقافة البحث العلمي و مواكبة التطوارت التكنولوجية الراهنة في منظومة البحث العلمي، و ثالثا ضرورة المساهمة كباحث و كمواطن يهتم بشؤون التنمية المحلية على مستوى الإقليم الذي يقطن به، و ذلك من منطلق المشاركة الشعبية بمنظور علمي/أكاديمي.

2 - الأهمية العلمية و العملية للموضوع:

أ .الأهمية العلمية: إن معالجتنا للدراسةراتكزت على اعتماد المدخل الامبريقي أي الاحتكام إلى الواقع، وتحليل ظاهرتي البحث العلمي و التنمية المحلية في محاولة لترسيخ البعد المحلي في هذه العلاقة، وذلك من خلال الوقوف على انجازات واقعية، لا سيما ما يرتبط بالإنتاج العلمي و تأثيراته على التنمية المحلية ،
عكس الدراسات التي تعتمد على عملية صبر الآراء و التي غالبا ما تفسر آمال بعيدة المدى أو طموحاتمتناقضة أو ردود فعل سلبية غير موضوعية، هذا المدخل يسلط الضوء على ثقافة القياس والتقييمبالمؤشرات (القياس البيبليومتري مثلا) التي تعتبر من صميم الإدارة العامة الجديدة و تهتم بجوهر نظامالحوكمة و هو الأداء، و هي ثقافة غائبة لدى الكثير من المنظمات (من ضمنها الجامعة) التي هي في حاجة ماسة لتبنى معايير الحوكمة في رسالتها و أهدافها.
كما تظهر الأهمية العلمية من خلال محاولة ترسيخ قوي لمفهوم البحث العلمي، برؤية جديدة ومواكبة للتطوارت التكنولوجية الراهنة، حيث لم يعد البحث العلمي مرتبط بالعلوم الأساسية النظرية وفق منظور أحادي التخصص، بلراتقى إلى منظومة متكاملة من الإبتكار و التطوير و متعددة التخصصات، إلى جانب الإحاطة بالمفاهيم الجديدة التي عملت المؤسسات الجامعية المتطورة على تكريسها و تجسديها، كالجودة و الفكر المقاولاتي في الوسط الجامعي.

ب .الأهمية العملية: اعتماد القياس الكمي( في إطار البحوث الكمية) يوفر مؤشرات إحصائية دالة على الظاهرة المدروسة، و الذي غالبا ما تفتقر إليه الدراسات في العلوم الإجتماعية عموما و في العلوم السياسية على وجه الخصوص، و نتائجه تساعد صاحب القرار (على المستوى المركزي أو المحلي) على تكوين رؤية واضحة لتبني أي إصلاحات مناسبة و بطريقة فعالة، خصوصا في ظل اعتماد المقارنة على ضوء المؤشرات الدولية، التي تكشف عن أسباب تقدم و رقي منظومة البحث العلمي وأسرار نجاح المنظور التنموي في الدول المتقدمة، من جهة أخرى فإن عمليتي التقييم و التقويم هي إحدى مراحل العملية الإدارية، التي لن تكلل بالنجاح إلا من خلال توفير قاعدة مؤشرات إحصائية علمية و دالة على الظاهرة المدروسة و توفر تشخيص دقيق.
دراسة البحث العلمي منزاوية مخرجاته تساعد على إنشاء قاعدة معلومات موجهة لنشر المعرفة لا سيما ما يتعلق بالإنتاج العلمي، لأنه في الغالب لا تحتوي الكثير من المؤسسات الجامعية على إستراتيجية واضحة لتجميع هذه المخرجات للاستفادة منها و نشرها على نطاق واسع، خصوصا في الفضاء الالكتروني، هذه المعلومات من شأنها كذلك أن تجلب اهتمام أصحاب الأعمال و تكوين رؤية حول مدى إسهامات البحث العلمي في تطوير صناعاتهم ما يتيح إمكانية إقامة شراكات علمية/ بحثية بين الطرفين.
إن وجود مؤشرات علمية دقيقة لقياس البحث العلمي يساعد و يساهم في نفس الوقت على إعطاءصورة دقيقة و واقعية عن النشاط القائم في مجال البحث العلمي، و بالتالي المساهمة في التخطيطالمستقبلي لهذا النشاط، سواء من حيث الموارد البشرية أو المادية، و معالجة القصور و الإشكالاتالموجودة بقراءة علمية، و العمل على تعزيز جوانب القوة و دعمها بما يحقق أقصى قدر من الاستفادةمن نشاط البحث العلمي.

3 - الدارسات السابقة:

كثيرة هي الأبحاث التي اهتمت بدراسة منظومة البحث العلمي في إطار عدة تفاعلات، تشترك الكثير منها في الإشارة إلى المنظور أو البعد التنموي للبحث العلمي و العائد الاقتصادي له، و تتبع تأثيرات هذه المخرجات من خلال اعتماد عدة آليات و تقنيات للقياس ،إلا أننا نشير بأن الدراسات و الأدبيات الغربية هي الغالبة في الإحاطة بهذه التفاعلات و التقنيات و الاهتمام بها، مع وجود محتشم للدراسات العربية في هذا الصدد، و من أهم الدراسات المعتمدة في بحثنا نذكر:

− رسالة دكتواره للباحث "محمد احميداتو" تحت عنوان: "L’état et la recherche scientifique" جامعة الجزائر يوسف بن خدة ،عام 2009، عالج فيها الباحث إشكالية مأسسة البحث العلمي في ظل العلاقة بين الدولة و منظومة البحث العلمي، بالتركيز على دراسة طبيعة أهم خصائص الأدوات القانونية المستعملة من طرف الدولة لتأسيس البحث العلمي كقطاع نشاط يتميز بخصوصيات، من جراء طبيعته الإبداعية، مقاصده، رهاناته و دوره في التنمية الوطنية، بهدف الوصول إلى تحديد طبيعة الأد وات القانونية المستعملة لتأسيس البحث العلمي و مقارنتها بالأدوات الكلاسيكية المستعملة في القطاعات الأخرى، حيث صنفها إلى فئتين رئيسيتين، الفئة الأولى تشمل أدوات مؤسساتية متعلقة بالتنظيم العام للبحث العلمي و الهياكل العملياتية للبحث و الهيئات التداولية للتسيير الإداري و التسيير العلمي لهياكل البحث، مشيرا إلى طبيعة دور الدولة المنظمة؛ و الفئة الثانية تشمل أدوات التسيير المتعلقة بمهام التمويل، البرمجة و التثمين، مشيرا إلى طبيعة دور الدولة المقاولة، حيث أشار الباحث إلى أن اجراءت تمويل البحث العلمي تتميز بمجموعة من القواعد القانونية الخاصة، التي تشكل استثناءا بالنسبة للقواعد العامة، و قد استنتج الباحث بأن التنظيم العام للبحث العلمي في الجزائر يتميز بتعدد الأشكال القانونية لهياكل البحث العلمي، نظرا لطبيعة مختلف الهيئات التي تتطلب تكييف أشكالها القانونية حسب مهامها ،
كما صنف الباحث عموما مختلف الأدوات القانونية، إلى أدوات كلاسيكية تكيفت مع متطلبات البحثالعلمي وأدوات خاصة لا توجد في قطاعات النشاط الأخرى.

− رسالة دكتواره للباحثة "سماح صولح" بعنوان: "دور تسيير الراسمال البشري في تحقيق التميز للمؤسسة المتعلمة: دراسة ميدانية لمراكز البحث العلمي في الجزائر"، جامعة بسكرة ،عام 2013، تهدف هذه الدراسة إلى فحص وجود تسيير راس المال البشري من خلال مقاربتي تسيير الكفاءات و تسيير المعارف ،و دور هذا التسيير في تحقيق التميز في مراكز البحث العلمي في الجزائر (CRSTRA, CDTA, CDER,
CERIST, CRBT, CRAPC, CSC, CRSTDLA, CRASC CREAD,) بمعالجة إشكالية رئيسية تتمحور حول دور تسيير الراسمال البشري في تحقيق التميز للمؤسسة المتعلمة، و قد ركزت هذه الدراسة على أحد أهم مقومات البحث العلمي و هو المورد البشري في إطار مقاربات تسييرية حديثة و كأحد أهم مداخل التميز للمؤسسة، و الذي لن يتحقق على حسب الباحثة إلا من خلال تطوير كفاءات و قدرات الموظفين و القادة في المؤسسة بالتشجيع على وجود تنظيم فعال تسوده روح الفريق، الإبداع، المبادرة و الانتماء للمؤسسة.

Activités de recherche " :تحت عنوان "KEVIN CHARLES" رسالة دكتواره للباحث −
scientifique et développement économique des territoires Le cas des sciences de la mer en ،2016 عام ،"UBO :Université de Bretagne Occidentale" جامعة ،"Bretagne Occidentale (CIFRE N° 2012/0669, janvier ونشير إلى أنها دراسة لبحث مدعوم باتفاقية صناعية للتكوين بالبحث 2013 – décembre 2015 : Convention industrielle de formation par la recherche)، اهتم الباحث بتسليط الضوء على مكانة أنشطة البحث العلمي في الديناميات الاقتصادية، و على وجه الخصوص روابطها مع الشركات و الأقاليم لمعرفة آثار الجامعات على الاقتصاد المحلي، منطلقا من إشكالية رئيسية مفادها: إلى أي مدى يمكن أن يشكل نشاط البحث العلمي، في شكل مجموعة علمية محلية متماسكة ، فرصة لتطوير المنطقة المتواجد بها ؟ و قد تمت الإجابة على هذه الإشكالية في إطار دراسة حالة مست الجانب الموضوعاتي أو العلمي و هو تخصص "علوم البحر" و الجانب الإقليمي لمنطقتي برست "BREST" وبريطانيا الغربية "Bretagne Occidentale" في فرنسا، لقد درس الباحث هذا التأثير في سياق الاستراتيجية الإقليمية أو ما سماه بالمنطق الإقليمي (Logique Territoriale) و في ظل ندرة الموارد، أين تواجه السلطات المحلية خيارات صعبة بخصوص سياساتها المحلية و توجهاتها الاستثمارية ،وقد أشار الباحث إلى وجود خيارين، أحدهما متعلق بالتخطيط لإستثمارات تسمح بتسجيل أنشطة البحث العلمي بمنطق الإشعاع الأكاديمي على نطاق فوق إقليمي (Supra-Territoriale)، حيث يفضل التركيزعلى تخصص معين و إعادة تجميع قوى البحث، و الثاني متعلق بمنطق الإنتشار الجواري (Logique de Diffusion de Proximité) أين يجب التركيز على التآزر بين جميع المكونات العلمية للإقليم، و بينالمكونات و الجهات الإقتصادية المحلية مع ضرورة وجود نظام إجراءات ملائم، و قد كان خيار الباحثكاستنتاج عام مبني على ضرورة وجود نظام حوكمة يجمع و يقرب بين الخيارين، أي بين التنمية الاقتصادية المحلية و التنمية الاقتصادية فوق المحلية دون الأخذ بخيار معين.

La science algérienne dans " :تحت عنوان "BADIAA YACINE" رسالة دكتواره للباحثة −
les années 1990 : une étude bibliométrique de la recherche universitaire à travers ses programmes, ses institutions et sa communauté de1990-1999"، جامعة تولوز2 "TOULOUSE2 Le Mirail"، عام 2012، انصبت الدراسة على المساهمة في تقييم السياسة العامة الجزائرية للبحث العلمي و التقني بالخصوص البحث الجامعي في فترت التسعينيات من القرن الماضي ،والتي وصفتها الباحثة بالمتذبذبة و متعددة الأزمات، وقدراتكزت دراستها على مقاربتين، أولا من خلال دراسة قياسية بيبليومترية و قد استخدمت الباحثة عدة برمجيات و اعتمدت بالأساس على قاعدتي معطيات، الأولى فرنسية متمثلة في قاعدة بيانات باسكال (La source Française Pascal) و هي أول قاعدة معطيات منتجة في فرنسا و في أوروبا عامة، و الثانية أمريكية متمثلة في قاعدة بيانات طومسون (SCI de l’ISI Thomson)، و هذا بهدف قياس معاملات التأثير و معدلات الاستشهاد للمقالات العلمية الجزائرية، والمقاربة الثانيةراتكزت على المسح مستخدمة استبيان موجهة لفئة الباحثين في طور التحضير للدكتواره أو فئة الباحثين في طور مشروع بحث، ليكون الهدف الأساسي عموما هو الإنتاج العلمي الجزائري لمؤسسات متنوعة و فواعل علمية مختلفة في الفترة الزمنية (1990-2000)، لقد استنتجت الباحثة من منظور جغرافي أن الجزائر العاصمة، وهران، قسنطينة و عنابة هي بمثابة أقطاب مهمة، مع وجود فرق قوي بين هذه المناطق، حيث الجزائر العاصمة المدينة الأكثر إنتاجية، على الرغم من انهيار بعض التخصصات داخلها، و لم يكن لإضفاء الطابع الإقليمي على البحث العلمي ملامح واضحة، و أن وقائع المؤتمرات والمداخلات العلمية قدراتبطت في تلك الفترة بالإمكانات العلمية الشابة، وكنتيجة عامة لهذه الدراسة خلصت الباحثة إلى أن البحث العملي في الجزائر كان في مرحلة فتية مع تسجيل إهمال من طرف الدولة، كما أظهر الإنتاج العلمي الجزائري انخفاضا نسبيا بالمقارنة مع إنتاج البلدان المجاورة.

4 - إشكالية البحث:

رغم الإصلاحات السياسية و الاقتصادية المتكررة في الجزائر بهدف تحقيق التنمية خارج عائدات المحروقات، يعاني المنظور التنموي في الجزائر الكثير من الإخفاقات و النقائص، لا سيما ما تعلق بدور الفواعل المحلية و مدى مساهمتها في تحقيق التنمية المحلية، و قد مست هذه الإصلاحات منظومة البحث العلمي وفق تشريعات و إجراءات متنوعة، بغرض جعل الجامعة من خلال أهم وظيفة لها و هي البحث العلمي بمثابة فاعل أساسي يساهم في تحقيق التنمية المحلية، و هذا بحكم تواجدها و انتشارها إقليميا على كامل التراب الوطني، في ظل هذا السعي المتكرر و المتواصل لإحداث تغيير في بنية و وظيفة منظومة البحث العلمي لإضفاء البعد المحلي عليها، و توجيه مخرجاتها نحو التنمية المحلية ،نطرح الإشكالية الرئيسية للدراسة على النحو التالي:
− إلى أي مدى يمكن أن تشكل مخرجات البحث العلميرافدا و مقوما لتحقيق التنمية المحلية في الجزائر؟
تتفرع هذه الإشكالية الرئيسية إلى الأسئلة الفرعية التالية:
− هل تعبّر الإصلاحات المتخذة بشأن منظومة البحث العلمي في الجزائر على تغير بنيوي و وظيفي؟
− ما هي أهم المعوقات التي تواجه عملية تثمين مخرجات البحث العلمي باتجاه تحقيق التنمية المحلية
− في الجزائر؟ و هل تطغى عليها المعوقات البشرية أم المادية؟
− ما طبيعة اتجاهات تأثير مخرجات البحث العلمي على التنمية المحلية في الجزائر؟ و هل ترقى إلى مستوى معالجة إشكالات التنمية المحلية ؟

5 - الفرضيات:

من أجل الإجابة على الإشكالية الرئيسية و مختلف الأسئلة الفرعية، انطلقنا في دراسة و تحليل الموضوع من وضع الفرضيات التالية:
− أضفت الترسانة القانونية الموجودة في منظومة البحث العلمي في الجزائر الطابع المؤسساتي من خلال إجراءات التنظيم العام و توفر الهياكل و الإجراءات المختلفة في برمجة و تنفيذ مشاريع البحث العلمي.
− تشكل المعوقات المادية عقبة حقيقية أكثر من أي معوق آخر أمام تثمين مخرجات البحث العلمي باتجاه تحقيق التنمية المحلية في الجزائر، إحداها معلقة بالبيئة الداخلية لمنظومة البحث العلمي ،
والأخرى متعلقة بالبيئة الخارجية المتصفة بضعف النسيج الاقتصادي المؤسساتي، لا سيما الصناعيمنه .
− في ظل أي معوقات لا سيما المالية منها، و التي تحول دون تفعيل حقيقي لمخرجات البحث العلميباتجاه تحقيق التنمية المحلية، تبقى طبيعة اتجاه تأثيرها معرفية بالأساس و ذات تغذية عكسية مرتدةعلى الجامعة أكثر من أي بيئة أخرى.

6 - حدود الدارسة:

للدراسة حدود مكانية، زمانية و بشرية، يتم تحديدها وفقا لعدة مبرارت موضوعية متعلقة أساسا بالإشكالية المراد معالجتها، و هي على النحو التالي :
− الحدود المكانية: يشمل الإطار المكاني للدراسة منظومة البحث العلمي في الجزائر عموما، بتسليط الضوء على دراسة حالة في النطاق المحلي متجسدة في جامعة سعيدة، من خلال دراسة لعينة من مخرجات البحث العلمي و معرفة توجهاتها العلمية/التنموية و اتجاهات تأثيرها على الإقليم المحلي لولاية سعيدة.
− الحدود الزمانية: على اعتبار أن قطاع التعليم العالي و البحث العلمي قد شهد تطوارت خلال فترات زمنية مختلفة منذ بداية استقلال الجزائر إلى غاية يومنا هذا، كانت فترة نهاية التسعينيات هي الفترة المميزة للانتقال النوعي للقطاع من خلال ما شهده من إصلاحات مغايرة للفترات السابقة، لا سيما مع صدور القانون التوجيهي و البرنامج الخماسي حول البحث العلمي و التطوير التكنولوجي رقم 89 -11، و هي بداية الفترة الزمنية للدراسة الممتدة إلى غاية عام 2018، أي (1998 -2018)، و ما يميز هذه الفترة في دارستنا هو بداية تأسيس المخابر الجامعية بجامعة سعيدة عام 2000، واحتواء هذه الفترة على مرحلة تغيير في نمط التعليم العالي أي التحول إلى نمط التعليم (ل.م.د)، المنتظر منه تقوية روابط الجامعة بالمحيط الإقتصادي و الاجتماعي.
− الحدود البشرية: شملت الدراسة عينة الباحثين (أساتذة و طلبة الدكتواره) من خلال تصنيفهم إلى فئتين أساسيتين، الفئة الأولى متعلقة بالأساتذة الباحثين و هي تتفرع إلى مدراء مخابر البحث لجامعة سعيدة حيث نسلط الضوء على منظورهم اتجاه تقييم أداء مخابر البحث و طرح المعوقات التي تحول دون تفعيل البحث العلمي، و إلى الباحثين المشرفين على مشاريع البحث التي أخذت كعينة فرعية في الدراسة، أما
الفئة الثانية فتشمل طلبة الدكتواره بصفتهم باحثين منتجين لأطروحات الدكتواره و مذكرات الماجستيركعينة فرعية أخرى في الدراسة.

7 - منهجية البحث:

لقد شملت المقاربة المنهجية المعتمدة في بحثنا عدة مناهج و اقترابات و تقنيات لجمع المعلومات، و هي:

أ .المناهج:
− المنهج الوصفي: هو منهج قائم على التحقق و الوصف الدقيق لوحدة قائمة بذاتها، و تعتبر المؤسسة الجامعية (جامعة سعيدة) بمثابة الحالة المدروسة في بحثنا من خلال جمع المعلومات المفصلة عن كل جوانبها التعليمية و البحثية بالتركيز على مخرجات الإنتاج العلمي و مشاريع البحث ،بهدف البحث في توجهاتها نحو التنمية و أهم المعوقات التي تحول دون تثمين نتائجها.
− المنهج المقارن: على اعتبار أن منظومة البحث العلمي متطورة في البلدان المتقدمة من خلال عدة مؤشرات ايجابية يجب الإشارة إليها، فإن المنهج المقارن ضروري حتى نتمكن من معرفة المكانة الحقيقية و مستوى تموقع منظومة البحث العلمي في البلدان المتخلفة عن هذا الركب المتقدم، منها دولة الجزائر على وجه الخصوص، سواء تعلق الأمر بمدخلات البحث العلمي أو مخرجاته، كما أن لهذه المقارنة أهمية متعلقة بمعرفة الخياارت المتبعة في السياسات العامة للبحث العلمي لطرح الحلول المناسبة بناءا على مرتكزات هذه السياسات.

− المنهج الإحصائي: تم استخدام التحليل الوصفي كأحد أهم الأساليب في التحليل الإحصائي، من خلال حساب النسب المئوية، و التكراارت باستخدام برنامج الحزم الإحصائية (SPSS) و برنامج الجداول (EXCEL)، و قد تم توظيف هذا المنهج سواء بالنسبة لتفريغ و تحليل نتائج الإستبيان، أو في عد وٕإحصاء أطروحات الدكتواره، مذكرات الماجستير و مشاريع البحث؛ أو في تحليل نتائج البحث البيبليوغرافي للكلمات المرجعية المعتمدة في دراسة عينة الاطروحات و المذكرات.

− منهج تحليل المضمون: إن العينات المعتمدة في الدراسة (الأطروحات، المذكرات و مشاريع البحث)، تحتاج إلى تحليل مضمونها (محتواها) وفق ما هو مطلوب للمعالجة في الدراسة، و وفق ما تم اعتماده كمؤشرات لتحليل هذه العينات، و قد تم ترميزها من طرف الباحث لتسهيل معرفتها و مراجعتها دون ذكر عنوانها كل ما اقتضت الإشارة إليها، حيثراتكز وصف و تحليل هذه العينات بناءا على عدة معايير هي: نوع الحالة المدروسة، العنوان، الملخص، الكلمات المفتاحية، الكلمات المرجعية المعتمدة من طرفالباحث، إشكالية، أهداف و نتائج المخرجات.

− منهج دارسة الحالة: استخدمنا هذا المنهج في بحثنا بناءا على مبرر ضرورة الوقوف على وحدة تحليل على المستوى المحلي، وفق المنظور المذكور سابقا (الإقليم/الفاعل) على اعتبار أن التخصصالعلمي للباحث يهتم بمتغير التنمية المحلية (المتغير التابع في البحث) ذو العلاقة المباشرة بالإقليم المحلي، و ما يحتويه من فواعل محلية تساهم في تحقيق التنمية المحلية، على هذا الأساس تم التركيز على الجامعة كأحد أهم هذه الفواعل من خلال أهم وظائفها المتجسدة في البحث العلمي، و التي يجب أن تكون مخرجاته موجهة لفائدة الإقليم المحلي (أي التنمية المحلية)، أو بصيغة أخرى دراسة وتتبع البعد المحلي للبحث العلمي، وبهذا الشكل سيحظى هذا البعد المحلي المجسد في كلا المتغيرين بالدراسة و التعمق قدر الإمكان ضمن الحالة المطروحة في البحث.

ب. الإقتاربات:
− الإقتارب القانوني: تم استخدام هذا الإقتراب نظرا لما شهده قطاع التعليم العالي و البحث العلمي من تطوارت و إصلاحات عديدة منذ بداية الاستقلال إلى يومنا هذا، أسست لترسانة قانونية لقطاع التعليم العالي و البحث العلمي عموما، و لمنظومة بحث علمي على وجه الخصوص و التي تميزت بتنوع في الهياكل و الوظائف، كما أن القوانين التوجيهية للبحث العلميراتبطت في جوهرها بض رورة ربط البحث العلمي بالتنمية، من خلال برمجة مختلف نشاطات البحث و تنفيذها و رسم توجهاتها في إطار السياسة الوطنية للبحث العلمي التي تهدف إلى تحقيق التنمية الوطنية، من جهة أخرى فإن الإطار القانوني للبحث العلمي قد تماشى بالموازاة مع الكثير من الإصلاحات في الإطار القانوني للتعليم، خصوصا بعد التحول إلى نمط التعليم الجديد (ل.م.د)، وصولا إلى آخر تغيير في نمط تسيير مشاريع البحث التي أصبحت ذات صبغة بحثية و تكوينية في إطار ما يعرف بمشاريع البحث التكوين الجامعي(PRFU).

− الإقتارب المؤسسي: هذا الإقتراب يسلط الضوء على البنية المؤسساتية لمنظومة البحث العلمي كونها متعددة الهياكل و الوظائف، حيث تم الاعتراف لأول مرة بوازرة قائمة على التعليم العالي و البحث العلمي عام 1971، ولم يكن للمؤسسات الجامعية و مراكز البحوث انتشار جغرافي واسع، ليحدث تطور هائل من حيث الهيئات و الهياكل و المصالح المشتركة في منظومة البحث العلمي، و تقوي النسيج الجامعي ليصبح يغطى كامل التراب الوطني باستحداث عدة مؤسسات جامعية و مدارس و مراكز بحوث.

− الإقتارب الوظيفي: في دراستنا تعتبر الجامعة كوحدة تحليل أساسية باعتبارها طرفا و فاعلا أساسيا في الإقليم المحلي، منوط بها المساهمة في تحقيق التنمية المحلية، من خلال مهام و أنشطة البحث العلميلأحد أهم كيانات البحث العلمي التي تضمها و هي المخابر الجامعية، و من خلال أهم مخرجاتها المتمثلة في الإنتاج العلمي و مشاريع البحث، و بهذا التخصص الوظيفي فإن التركيز يكون على مهمة البحث العلمي دون الفصل بينها و بين مهمة التعليم أو المهام المختلفة الموجهة للمجتمع عموما، كما يتم الإشارة إلى مفهوم المقاولاتية الجامعية كمهمة و وظيفة جديدة بالنسبة للجامعة من منطلق علمي/اقتصادي، بهدف تحقيق الربحية و التأسيس لفكر تعليمي جديد مبني على ثقافة المقاولاتية التي تجسدت معالمها في الدول المتقدمة علميا و عمليا.

− اقتارب النخبة: يعتبر هذا الإقتراب واحد من أهم الإقترابات التي حظيت بمكانة هامة في العلوم الإجتماعية و الإنسانية عموما، و في حقل العلوم السياسية بصفة خاصة ومنزاوية دراسة و تحليل النظم السياسية المقارنة، بل اعتبره الكثير من الباحثين بمثابة المدخل الأكثر قدرة على تحليل وفهم هذه النظم من خلال الدور، محورية النخب و قدرتها على صنع القرار، في هذا الإطار نوظف هذا الإقتراب ولو بشكل جزئي للإشارة إلى دور فئة الباحثين (الأساتذة و طلبة الدكتواره) ومكانتهم ضمن الاست راتيجيات الوطنية من خلال نقطتين أساسيتين، الأولى متعلقة بمستوى و أهمية إنتاجهم لمخرجات البحث العلمي ، والثانية متعلقة بأدوارهم في رسم السياسات الوطنية للبحث العلمي كفاعلين أساسيين.

− اقتارب السياسات العامة: وظفنا هذا الإقتراب على اعتبار أن متغير البحث العلمي في الدراسة بما يحتويه من مؤشرات (المدخلات/المخرجات) يندرج في إطار السياسة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي عموما، والتي هي عبارة عن فعل عمومي مختلط بين القراارت الحكومية وانجازات الباحثين، كما أن توظيف هذا الإقتراب يعالجزاوية خاصة ضمن هذه السياسة العامة متعلقة بمنظومة البحث العلمي، من حيث تسطير السياسة الوطنية للبحث العلمي و المتجسدة في شكل برامج وطنية، و النظر في نجاعة هذه البرامج ومدى موائمتها مع الاحتياجات التنموية، ما يتيح إمكانية تقديم الحلول و التعديلات اللازمة ،التي من شأنها إحداث توازنات بين المقومات العلمية (المادية و البشرية) التي تتوفر عليها هذه المنظومة والاحتياجات التنموية للبلد.

ج .تقنيات جمع المعلومات:
− الإستبيان: يعتبر الإستبيان من أهم تقنيات جمع البيانات و المعلومات، حيث تم اعتماد الإستبيان المرسل من طرف المديرية العامة للبحث العلمي و التطوير التكنولوجي إلى مدراء مخابر بحث جامعة سعيدة، بغرض تقييم الأداء و معرفة مختلف معوقات البحث العلمي من منظور هؤلاء الباحثين، و قد اعتمدنا هذا الإستبيان بصورته الأصلية بغرض الحصول على إجابات المستجوبين و تحليلها، و من جهةأخرى للنظر فيه كأداة معتمدة لتقييم البحث العلمي من طرف الجهات الوصية، و مدى ملائمتها مع المؤشرات الدولية الموضوعة لقياس و تقييم البحث العلمي عموما.

− التقارير الرسمية: اعتمدنا تقارير نشاطات مخابر البحث، كأداة لجمع البيانات المعلومات من خلال ما توفره هذه التقارير من بيانات و معلومات متعلقة بمختلف نشاطات المخابر (الإنتاج العلمي و مشاريع البحث)، بالإضافة إلى المعلومات التعريفية بأصناف الباحثين المنتمين لها (أساتذة و طلبة)، و هي تعتبر في نفس الوقت بمثابة أداة رسمية معتمدة من طرف الجهات الوصية على البحث العلمي (DGRSDT) بغرض تقييم أداء و نشاطات المخابر.

− المؤشارت البيبليومترية: تعتبر المؤشرات البيبليومترية من أهم المؤشرات و الأدوات المعتمدة دوليا ووطنيا في قياس و تقييم البحث العلمي، و هي مستخدمة على نطاق واسع بغرض تقييم المؤسسات والأفراد على حد سواء، وهي مهمة من حيث تعريفها بمستويات الإنتاج العلمي، و التي يتم من خلالها تصنيف الدول و كل الهيئات المتخصصة في التعليم العالي و البحث العلمي، و قد تم الاعتماد عليها لمعرفة تصنيف الجزائر دوليا من حيث النشر العلمي و براءات الاختراع، إلى جانب اعتماد البحث والقياس البيبليوغرافي كأسلوب في تحليل و جمع المعلومات على مخرجات الأطروحات و المذكرات، سواء تلك المنشورة في البوابة الوطنية للإشعار عن الأطروحات أو العينة المأخوذة في دراسة الحالة.

− المقابلات: استخدمت المقابلة و المحادثات الهاتفية و البريد الالكتروني كتقنيات لجمع المعلومات في الكثير من الأحيان، خصوصا عند عدم توفر المعلومات، والأمر متعلق أساسا بمحتوى مشاريع البحث أو عند تعذر فهم المصطلحات العلمية و التقنية ،وقد تم إجراء عدة مقابلات مع ( مدراء المخابر وأصحاب مشاريع البحث بالخصوص ، المدير العام للبحث العلمي، مدراء فرعيين) وذلك على مستوى وازرة التعليم العالي و البحث العلمي، المديرية العامة للبحث العلمي و التطوير التكنولوجي و جامعة سعيدة.

د .عينة الدارسة: تعتبر العينة المأخوذة في دراسة الحالة ذو طبيعة مركبة من حيث التصنيف، الصنف الأول يشمل فئتين من مخرجات البحث العلمي و هما عينة قصدية لأطروحات الدكتواره و مذكرات الماجستير، و عينة قصدية لمشاريع البحث ،أما الصنف الثاني فيمثل العامل البشري و يشمل عينة قصدية لمدراء المخابر و رؤساء فرق البحث كفئة باحثين دون غيرهم، بغرض معرفة منظورهم اتجاه معوقات البحث العلمي من خلال الإجابات على أسئلة استمارة الإستبيان المرسلة من طرف المديرية العامة للبحث العلمي و التطوير التكنولوجي، و تقارير أنشطة مخابر البحث لجامعة سعيدة.

8 - أهداف الدارسة: للدراسة عدة أهداف رئيسية ،نذكر أهمها:

− توضيح الإطار المفاهيمي الذي يعالج البحث العلمي من منظور الأدوات و التقنيات المعتمدة في قياسه، وهي بمثابة مرجعيات ومؤشرات دولية كانت نتاج سعي الدول و المنظمات على مر السنوات، و توجت بتوفير أدوات لتقييم أداء البحث العلمي سواء بالنسبة للباحثين أو بالنسبة للمؤسسات؛
− معرفة موقع منظومة البحث العلمي في الجزائر من منطلق المؤشرات الدولية؛
− دراسة العلاقة بين مخرجات البحث العلمي و متطلبات التنمية المحلية، بتتبع توجهاتها و نسبة تأثيرها على التنمية المحلية؛
− الاهتمام بالعد المحلي في الدراسة بالوقوف ميدانيا على واقع البحث العلمي في وحدة تحليل جزئية محلية (جامعة سعيدة)، و التعرف على طبيعة مخرجاته بصفة ملموسة دون التركيز الكلي في الدراسة أو الاكتفاء بمعرفة توجهات الأفراد أو صبر آرائهم؛
− الوقوف على أهم المعوقات التي تحول دون تفعيل و تثمين نتائج مخرجات البحث العلمي في الجزائر باتجاه التنمية عموما و باتجاه التنمية المحلية بالخصوص؛ بناءا على منظوارت متعددة (إجابات المستجوبين، النتائج العلمية المتوصل إليها من طرف الباحثين في عينتي مخرجات الدراسة)؛
− إعطاء تصوارت و حلول بناءا على النتائج المتحصل عليها، من خلال دراسة تأثير مخرجات البحث العلمي على التنمية المحلية في الجزائر من منظور محلي و مدعم بالمؤشرات الدولية و الوطنية.

9 - صعوبات الدارسة:

إن البيانات المعالجة في دراستنا ذات طبيعة متنوعة و معقدة و منشورة على أكثر من مستوى، و هي متعلقة بمدخلات البحث العلمي (نسبة الإنفاق، عدد الباحثين) و مخرجاته (الإنتاج العلمي بمختلف أشكاله) على حد سواء، حيث يتطلب الأمر مراجعة و مقارنة نفس الإحصائيات في أكثر من مصدر ،نظرا لوجود بعض الفروقات والاختلافات بينها، إلى جانب تعرضها لعمليات تحيين متكررة في المواقع الرسمية للمنظمات الدولية المهتمة بهذا الشأن، حيث اضطررنا أحيانا إلى التسجيل في بعض المواقع المتخصصة و التعامل معها مباشرة للحصول على المطلوب؛ من جهة أخ رى فقد واجهتنا صعوبات في الترجمة كوننا تعاملنا مع محتوى لعينة من المخرجات تحتوي على مصطلحات علمية و تقنية على حسب كل تخصص علمي، يستعصي أحيانا فهمها و تحليل فقراتها إلا بعد القيام بعمليات الترجمة و الاستعانة بأصحابها و محادثهم في الكثير من الأحيان لشرح ما تعذر فهمه، كما واجهتنا صعوبات في الحصول على محتوى و مضمون مشاريع البحث، ما استدعى القيام باتصالات مكثفة مع المشرفين عليها عن طريق المحادثات الهاتفية المتكررة و التعامل بالبريد الالكتروني للحصول على أهم المعلومات و تكوينملخصات عامة.

من جهة أخرى، فإن صعوبة الحصول على البيانات المتعلقة بالعلوم و التكنولوجيا و الإبتكار هي اعتراف للكثير من المنظمات المهتمة بهذا الشأن، خصوصا في ظل تخلف المنظومة الإحصائية الوطنية للكثير من الدول، و قد أشار مثلا تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2003 بهذه الصعوبة:" تجدر الإشارة بشكل عام في البداية إلى صعوبة الحصول على معلومات حديثة و متكاملة حول مخرجات أنشطة البحث في العلوم الطبيعية و التطوير التقاني في البلدان العربية".

10- تبرير الخطة:

تم اعتماد مبدأ التدرج من العام إلى الخاص، ومن المستوى الدولي إلى الوطني ثم المحلي، حيث تم تقسيم خطة الدراسة إلى ثلاثة فصول بمقدمة و خاتمة، على النحو الآتي:

− المقدمة: تم عرض فيها جميع النقاط المنهجية المتعارف عيها في منهجية العلوم السياسية، و التي تعطي تعريفا بموضوع الدراسة و إشكاليته الرئيسية و المنهجية المتبعة في معالجتها.

− الفصل الأول: تم التطرق فيه إلى الإطار النظري و المفاهيمي لمتغيري الدراسة، مخرجات البحث العلمي و التنمية المحلية، بتسليط الضوء على مختلف المرجعيات و المؤشرات الدولية المتعلقة بمدخلات و مخرجات البحث العلمي، حيث تم التعريف أولا بأساسيات و مفاهيم البحث العلمي مع الإشارة إلى مفهومي الجودة و المقاولاتية الجامعية في المبحث الأول، ثم ذكر المقومات و المستلزمات المادية والبشرية و المعرفية لمنظومة البحث العلمي في المبحث الثاني، وفي المبحث الثالث تم تسليط الضوء على التنمية المحلية من منظور البحث العلمي و الإبتكار، بتعريفها أولا، ثم الإشارة إلى دور المشاركة الشعبية بمنظور علمي و علاقة الإبتكار بالوسط المحلي، أما المبحث الاربع فقد خصص لدراسة علاقة قياس و تقييم البحث العلمي بالتنمية عموما، من خلال التعريف بمفهوم القياس و التقييم في البحث العلمي على ضوء المؤشرات و المرجعيات الدولية، مع الإشارة إلى القياسات البيبليومترية، و النشر العلمي و براءات الاختراع كأهم مخرجات البحث العلمي، ثم في مطلب أخير لهذا الفصل سلطنا الضوء على أهمية قياس و تقييم البحث العلمي بالنسبة للتنمية على عدة مستويات.

− الفصل الثاني: عالجنا في هذا الفصل واقع البحث العلمي في الجزائر، حيث تناولنا في المبحث الأول تطور منظومة البحث العلمي من حيث البنية المؤسساتية و الوظيفية لمختلف هيئات وكيانات البحث
العلمي منذ إستقلال الجزائر إلى غاية يومنا هذا، مع الإشارة إلى مؤشرات الإنفاق على البحث العلمي، ثم في المبحث الثاني سلطنا الضوء على مختلف المقومات و الدعائم التي تتوفر عليها منظومة البحث العلمي في الجزائر مركزين على المقومات البشرية (أساتذة و طلبة)، بالإضافة إلى المخابر الجامعية كدعائم مادية، و في المبحث الثالث تعرضنا لأهم مؤشرات الإنتاج العلمي في الجزائر على ضوء المؤشرات الدولية، و شملت هذه المؤشرات كل من النشر العلمي، براءات الاختراع ،أطروحات الدكتواره ومذكرات الماجستير و مشاريع البحث العلمي، أما المبحث الاربع فقد عرفنا من خلاله في البداية بمرحلتين أساسيتين في دورة حياة منظومة البحث العلمي و هما البرمجة و التقييم، مع تبيان مكانة التنمية المحلية ضمن هذه الدورة، و تحديد أهم التحديات التي تواجه البحث العلمي في الجزائر، ثم أجرينا تقييم للتنمية في الجزائر على ضوء المؤشرات المعتمدة.

− الفصل الثالث: و هو خاص بالإطار التطبيقي على دراسة حالة جامعة سعيدة من أجل معرفة توجهات وتأثيرات عينة المخرجات المأخوذة في الدراسة على التنمية المحلية، حيث تم التعرض في المبحث الأول إلى إطار تعريفي لكل من جامعة سعيدة و ولاية سعيدة مع إبراز خصوصيات و مقومات التنمية في الولاية، في المبحث الثاني ش رحنا مختلف الإجراءات المنهجية المتبعة في الدراسة( العينة، أدوات جمع البيانات و المعلومات ثم الأساليب المستخدمة في معالجة البيانات و تحليلها)، أما المبحث الثالث فقد خصص لعرض و تحليل نتائج الإستبيان المرسل من طرف (DGRSDT) لمدراء مخابر بحث جامعة سعيدة، ثم المعالجة الإحصائية و تحليل مضمون البيانات لعينة مخرجات حالة الدراسة، و التي تشمل كل من الأطروحات و المذكرات و مشاريع البحث العلمي، و في المبحث الأخير أي الاربع تم تحديد اتجاهات تأثير مخرجات العينات المأخوذة على التنمية المحلية، و طبيعتها وفقا لما تم الوقوف عليه من نتائج مع إجراء تقييم لدورها، و ذكر جميع المعوقات التي تحول دون تفعيل هذه المخرجات بناءا على منظور متعدد المستويات (مدراء المخابر، رؤساء الفرق، المشرفين على مشاريع البحث، طلبة الدكتواره، السلطات المحلية) من خلال تحليل إجاباتهم على استمارة الإستبيان، و نتائجهم المحققة في عينة المخرجات المأخوذة، ليتم في المطلب الأخير أي الثالث من المبحث الرابع اقتراح حلول لتفعيل مخرجات البحث العلمي باتجاه التنمية المحلية.

في خاتمة الدراسة، أبرزنا مختلف النتائج المتوصل إليها في الجانبين النظري و التطبيقي، مع الإجابة عن الإشكالية الرئيسية للدراسة و ما تم طرحه من فرضيات، مع إعطاء بعض الحلول التيرايناها مناسبة.

---------------------------
لائحة المراجع :
1 - أحمد مصطفى، مريم، دراسات في التغيير و التنمية في الدول النامية، ب.ط، الإسكندرية: دار المعرفة الجماعية، 2011.
2 - بدر، أحمد، أصول البحث العلمي و مناهجه، ط9، القاهرة: المكتبة الأكاديمية، 1996.
3 - بوحنية، قوي، الديمقراطية التشاركية في ظل الإصلاحات السياسية و الإدارية في الدول المغاربيه، ط1، عمان، الأردن: دار الحامد للنشر و التوزيع، 2015.
4 - بصمه جي، سائر، الابتكار الناجح: كيف تبتكر و تستثمر ابتكارك بطريقة علمية، ط1، بيروت: دار الكتب العلمية، 2017.
5 - برو، محمد، الموجه في منهجية العلوم الاجتماعية، ب.ط، تيزي وزو: دار الأمل للطباعة و النشر والتوزيع، 2014.
6- جاد الرب، سيد محمد، إدارة الجامعات و مؤسسات التعليم العالي: إستراتيجيات التطوير و مناهج التحسين، ط1، القاهرة: دار الفكر العربي، ()1()2.
7 - جندلي، عبد الناصر، مرشد الباحث في المنهجية وكيفية إعداد و إخراج البحوث الجامعية، ط1، لندن: دار الحكمة، 2014.
8 - ديكنسون، جون. ب، العلم و المشتغلون بالبحث العلمي في المجتمع الحديث، تر: شعبة الترجمة باليونيسكو، سلسلة كتب ثقافية، الكويت: المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب، 1978.
9- الدليمي، عصام حسن أحمد، على عبد الرحيم صالح، المعلوماتية و البحث العلمى، ط1، عمان: دار الرضوان للنشر و التوزيع، 2014.
10 - دريس، نبيل، الديمقراطية التشاركية: مقاربات في المشاركة السياسية، ط1، عمان، الأردن: مركز الكتاب الأكاديمي، 2017.
11— هامل، شيخ، أبجديات وتقنيات البحث العلمى في العلوم الإنسانية، مؤلف جماعي: كتاب أعمال الملتقى المشترك: الأمانة العلمية، (في الأصل ورقة بحث قدمت في الملتقى الدولي حول:الأمانة العلمية"، الجزائر العاصمة، 2017/07/11)، لبنان، طرابلس: مركز جيل البحث العلمي، 2017.
12— هوشيار، معروف، تحليل الاقتصاد التكنولوجي، ط1، عمان، الأردن: دار جرير للنشر و التوزيع، 2013.
13 - همام، عبد الخالق عبد الغفور، و العزاوي، محمد عبد الوهاب، الإدارة الإستراتيجية للجامعات: مداخل فلسفية و تطبيقات ميدانية، ط1، عمان: دار الأيام للنشر و التوزيع، 2015.
14 - ماجدة أحمد أبو زنط، البحث العلمي و صناعة المعرفة، ط1، الأردن: دار تسنيم للنشر و التوزيع، 2008.
15— محمد أحمد السيد، لمياء، العولمة و رسالة الجامعة رؤية مستقبلية، ط1، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 2002.
16— محمد السيد، عبد السلام، الأمن الغذائي للوطن العربي، سلسلة كتب ثقافية، الكويت، المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب، فيفري 1998.
17 - محمد هلالي، أحمد، عولمة التعليم الجامعي، ط1، عمان، الأردن: دار الشروق للنشر و التوزيع، 2012.
18 - نجم، عبود نجم، القيادة و إدارة الابتكار، ط2، عمان: دار صفاء للنشر و التوزيع، 2015.
19 - السلاطين، على ناصر شتوي آل زاهر، الشراكة المؤسسية بين الجامعة و مؤسسات المجتمع: بحوث و دراسات علمية محكمة، ب. ط، الأردن: دار حامد للنشر و التوزيع، 2014.
20 - سلامة، عبد الجواد، استراتيجيات التخطيطي للتنمية، ط1، عمان: دار المجد للنشر و التوزيع، 2015 .
21- سلمان، جمال داود، اقتصاد المعرفة، ب.ط، عمان: دار اليازودي العلمية للنشر و التوزيع، 2009.
22 - سراج الدين، إسماعيل، حوكمة الجامعات وتعزيز قدرات منظومة التعليم العالي والبحث العلمي في مصر، ب.ط، مصر : مكتبة الإسكندرية، 2009.
23 - عامر، طارق عبد الرؤوف، الجامعة و خدمة المجتمع توجهات عالمية معاصرة، ط1، القاهرة: مؤسسة طيبة للنشر و التوزيع، 2012.
24 - العجيلي، محمد ربيع صالح، التعليم العالي في الوطن العربي الواقع و استراتيجيات المستقبل، ط1، عمان: دار صفاء للنشر و التوزيع، 2013.

تعليقات