مذكرة الماجستير بعنوان: مقتصيات الأمن الفكري في ظل عالمية حقوق الإنسان PDF
مقدمة :
لأقى مصطلح حقوق الإنسان وأكتسب قبولا واسعا على مختلف المستويات والأصعدة وحاولت العديد من العقول والأقلام تناول هذا الموضوع والإدلاء بدلوها كاع حسب توجهه ومشربه والتأصيل لهذا المفهوم برده إلى فلسفتها ومرجعيتها وتاريخها . غير أن جوهر حقوق الإنسان في ارتباطه بالإنسان هو إضفا لقيم الإنسانية جمعا ، من حرية وعدالة ومساواة وكرامة إنسانية ، وهى القيم التي خاضت البشرية صراعا طويلا ومريرا في الدفاع عنها والحصول عليها ، واشتركث في ذلك مختلف الحضارات والأديان ، وفي صياغتها وبلورتها وتطويرها وتحقيقها . الأمر الذي ارتبط بوجود الإنسان على سطح الأرض منذ بد الخليقة .
وانطلاقا من هذا كانت فكرة حقوق الإنسان وجوهرها ، باستحداث استخدام هذا المصطلح على المستوى الدولي نظرا لما شهدته البشرية من ماسى وحروب عبر مختلف العصور والأزمنة . لذلك كان المنتظم الدولي قد تبتى حقوق الإنسان وجعلها أموا دوليا بعد أن كانت شأنا من شؤون الدول الداخلية وينبغى السهر على تحقيقه ورعايته وكفالته وحمايته وتعزيزه . هذا ما تؤكده ديباجة ميثاق الأمم المتحدة حينما آلت على نفسها إنقاذ الأجيال القادمة من ويلات الحروب ، التي جلبت كثيرا من الدمار والدماء و المآسى ، التي يندى الجبين لها ويعجز اللسان عن وصفها ، حتى أضحث حقوق الإنسان من بين القضايا التي تشكل خطرا على السلام والأمن الدوليين .
والبديهية والمسلمة التي أصبحث قائمة في عصرنا الحالي ، والتي تعتبر أن حقوق الإنسان عالمية ترتكز بالأساس على منح الإنسان حقوقا باعتباره إنسانا ولأجل كرامته كإنسان دون أي سبب آخر يقوم على الاعتقاد أو اللون أو الجنس أو المكان أو الرمان أو غيره من الأسباب ، وهذا ما يؤكد جلاه أن أي ادعاء يخالف هذا فهو لا يمث للعالمية بأي صلة ولا يحمك أيا من أنفاس روحها. وإن كان من يسند حقوق الإنسان في أكتسابما للعالمية من خلال نشأتها في كنف الأمم المتحدة عام 1948 وتحديدا بالإعلان العالمك لحقوق الإنسان ، فذلك لأنها أصبحت مسألة متفق عليها كوث الإعلان العالمي ترك أثره البالغ عبر كامل دول العالم ، وبذلك اتجهت الأمم المتحدة إلى تحويل وصياغة مبادئ الإعلان إلى العديد من الإتفاقيات التي صادقت عليها معظم دول العالم ، وعدت بذلك تطورا هاما في تاريخ البشرية ، حمل أتفاق دول العالم على تلك الحقوق وضرورة احترامها وعدم المساس بها وهى الحقوق والمطالب الواجب الوفاء بها لكاح إنسان على قدم المساواة ودونما تمييز قد يعود إلى أي عائد كان .
لكن قد يتبادر إلى الأذهان أن هذا التعريف وهذا المفهوم لا تسلم به كا المجتمعات وقد لا يحظى بالقبول أيضا بين جماعات المجتمع المختلفة ، ذلك أن نوع الحقوق مرتبط أساسا بالتصور الإنسان ذاته فإذا ما تملك الإنسان قوته وحريته وإرادته وفكره وضميره واختياره ، فإنها ستشكل البوتقة التي ينصهر فيها وينبني على أساسها تصوره المنش للحقوق . وهذا فتصور الحقوق قائم على حسب الزرمان
والمكان والإرادة والفكر والضمير والإختيار .
وما من شك أن تتوافق أفكار التاس جميعا على حق واحد ووحيد يشكل أساسا تلبني عليه سائر الحقوق وهو بذات المرتبة والمنزلة للحق في الحياة بل قد يكون هو السبيل لاستمرار الحياة ، هذا ونعي الحق ، الحق في الأمن . وما من شك أيضا أن كالح إنسان يرغب في التحرر من الخوف والعيش في كنف الأمن والسلام ، ولعاع هدف الأمم المتحدة الأوحد التي قامت من أجله هو الأمن والسلام .
أهمية الموضوع
تكمن أهمية الموضوع في أهمية مصطلحاته التي محورها وأساسها الإنسان ، فالفكر والأمن وحقوق الإنسان من القضايا الجوهرية والأساسية والركائز المحورية التي تدور حول الإنسان ، والتي لا يمكن إلا من خلاها أن يكون الإنسان إنسانا ، فهي أهم تطلعاته وعليها يرتكز عطاء الإنسانية ، فالأمن كاعلا يمكن تجزئته ولا يمكن تأجيله لأنه أساس للفكر ولحقوق الإنسان ، كما أنه منظومة متكاملة يقومعليها الأمن القومى والوطني وتسعى كافة المجتمعات إلى تحقيقه ، كما أن الفكر صمام الأمان للإنسان وللدول وفي ظلح الفكر الآمن المستقر يرقى الإنسان وترقى برقـيه المجتمعات ، وتكون بمنأى عن كافة الأخطار والتهديدات على مختلف الأصعدة واتمجالات.
والخطاب المستحدث في أروقة الأمم المتحدة ومؤتمراتها وحتى خارجها خاصة ما بعد فترة الحرب الباردة صار يتكلم عن مفاهيم مغايرة للمفهوم التقليدي للأمن ترتبط وتتمحور حول قضايا متصلة أساسا بحقوق الإنسان ومنها الأمن الشامل والأمن الإنسان ، وعلى ضرورة العمل والسعى من أجل تحقيقه على الرغم من أنها مسألة تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين واولاها ترسيخ معاني الأمن في جوانبه المتعددة سواء على مستوى الحكومات أو على مستوى الأفراد . لأن ذلك يعد اللبنة الأساسية في بناء منظومة الأمن الشامل. الذي يعتبر فيها هذا الأخير محصلة مجموعة من التصنيفات المتعددة والمتشكلة والتي هى عبارة عن أنواع أخرى من الأمن ، باتت تعرف بالأمن المائى والغذائى والإقتصادي والبيئى... ، وما "صبح يردد حاليا حول مصطلح الأمن الفكري وهو موضوع محثنا هذا .
كما أن البحث في قضايا الأمن المختلفة يجد أهميته في ارتباط الأمن بحياة الإنسان سواء كان ذلاك مفرده أو في إطار جماعة ، ويعتبر في هرم الأولويات الأمر الأهم الذي ينطلق منه الإنسان في تحقيق مختلف حاجاته وفي مقدمتها توافر الأمن . فقد أصبحت حقوق الإنسان أحد عناوين الأمن على اعتبار أن الإنسان أساس وجود الكون وعنوان الحضارة وحقوقه أهم المتطلبات الحضارية . وعلى رأي توماس هوبز ليس ثمة أي بمجال للصناعة ، للفنون وللآداب ، للمجتمع في غياب الأمن .
وللفكر أيضا أهمية كبيرة كونه يحدد سلوك الفرد انطلاقا من الوسط الذي يعيش فيه ، فيمكن للفكر أن يولد سلوكا جديدا كما يمكنه إعادة توجية هذا السلوك مغترا وجهته الاولى ، كما قد يوقف ويهى سلوكا كان قائما بالفعل.
ويكتسى موضوع الأمن الفكري أهمية بالغة انطلاقا من تركيبة المصطلح ( الأمن والفكر ) إذ يعتبران أحد مكونات ومقومات حقوق الإنسان وبالتالي يتضح الترابط الوثيق بين المركبين بحيث يعتبران من بين المرتكزات التي تعتبر غاية في الأهمية للإنسان باعتباره الكائن الأسمى والأرقى المكرم من الله سبحانه وتعالى ، واعتبار هذه الأخيرة أحد الحقوق التي ينبغي أن تكفل لهذا الإنسان . حيث يصبح الأمن الفكري ضرورة لحقوق الإنسان وليس بديلا عنها ولا يمكن تمييز أو تغليب أحدهما عن الآخر بل لا بد من وجود حالة من التوازن بينهما . فالحديث عن الأمن الفكري حديث عن كاح ما يتعلق بذاكرة الإنسان من التقافات والقيم والمبادئ الأخلاقية التي يتغذى بها من المجتمع الذي ينشأ فيه ويعسس أفراده . "كما يحدثنا التاريخ في وقت ليس بالبعيد كيف أن الغرب اتخذ من موضوع الأمن الفكري والثقافي موضوعا مركزيا في بمجاجة الشيوعية ، بح جتدكلح الإمكانات المتاحة ، الشرعية منها وغير الشرعية وكان محور الحرب الباردة هو الأمن الفكري ومحاصرة الشيوعية والفكر الماركسى الذي صور إليهم أنه أكبر خطر سيواجه التظام الرأسمالي ، ووصل الحد بأمريكا أن تمنع كاع فكر يخرج عن إطار الثقافة الأمريكية.
أسباب ومبررات اختيار الموضوع
- المبرر القانوني : عدم تناول موضوع الأمن وارتباطه بالفكر في الدراسات القانونية .
- المبرر الحقوقي : استظهار أحد الحقوق الهامة والرئيسية ومدى تطبيقها في منظومة حقوق الإنسان ومحاولة تناولها بالدراسة القانونية وإعطائها ولو حيزا ضئيلا من الدراسة والاهتمام.
- المبرر الموضوعي: أهمية الأمن الفكري في إرساء وتحقيق باقي جوانب الأمن الأخرى باعتبـارد المناخ الأمثل الموجه والمحدد والمناسب للتمتع بباقي الحقوق .
أهداف الموضوع
الدراسات السابقة
الاشكالية :
وللإجابة على هذا السؤال المركزي والمحوري وما صاحبه من تساؤلات فرعية ارتأينا تناوله وذلك من خلال المبحث الأول : ببيان مفهوم الأمن الفكري وفق مقتضيات حقوق الإنسان ( المطلب الأول ) ، ومدى تحسيده عمليا بمحاولة استقرائه من خلال المنظومة الحقوقية ( تطبيقاته ) واستيضاح مرتكزاته ضمن مختلف النصوص الحقوقية الدولية ( المطلب القاني ) . وفي المبحث القاني : تم تناول حقوق الإنسان بين الأمن الفكري والخصوصية التقافية من خلال تعريف حقوق الإنسان في إطار منظور خصوصية الهوية ( المطلب الأول ) ، وحقوق الإنسان والموروث التقافي من خلال الشرعة الدولية ( المطلب القاني ) ، وهذا كله ضمن الفصل الأول الذي كان بعنوان الإطار المفاهيم للأمن الفكري وفق مقتضيات حقوق الإنسان. بعد ذلك في الفصل القاني تم التطرق إلى الإطار التطبيقي للأمن الفكري وتحدياته العولمية وفق المنظور الحقوقى ، ابتداء بمبحث أول بالتطبيق الداخلى لاتفاقيات حقوق الإنسان ومتطلبات الأمن الفكري ، وذلك ببيان نفاذ اتفاقيات حقوق الإنسان ضمن القانون الداخلى في ( المطلب الأول ) وإشكالية التعارض بين هذه الإتفاقيات والنظم الداخلية في ( المطلب الثانى ) ، تم ضمن مبحث ثان تم تناول تطبيق مقتضيات الأمن الفكري من خلال استخدام آلية التصريحات التفسيرية ودورها في تفعيل مقتضيات الأمن الفكري وأسباب الأخذ بما ( المطلب الأول ) ، وأخيرا نظام التحفظ اتفاقيات حقوق الإنسان ومدى مشروعيته وانعكاساته على هذه الإتفاقيات وأساب الأخذ به ؟ ( المطلب القاني ).
تعليقات
إرسال تعليق