القائمة الرئيسية

الصفحات

الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان

 رسالة بعنوان: الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان PDF

الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان PDF

مقدمة :
تميزت أواخر الألفية الثانية وبداية الألفية الثالثة بتغيرات نوعية وبنيوية كثيرة، مست مفاهيم التنظيم السياسي والاجتماعي، حيث يرجع سببها إلى الحركة العلمية والتكنولوجية السريعة، التي أدت بدورها إلى تسريع عمليات التطور الحضاري الإنساني. هذا الأخير الذي وحد ونسق وعيا عاما لشروط مختصرة لنظام عالمي معولم، تم بناؤه بغض النظر عن الهويات والقناعات المحلية، وأنتج أطرا جديدة في عمليات البحث والتمذجة النظرية من أجل إعداد تصورات وترتيبات جديدة لفكرة التكامل الدولي. هذه النماذج العالمية تؤكد على فكرة الطابع الوحدوي الذي يميز العالم الحديث - عالم واحد - إضافة إلى ضعف التحليلات التقليدية في فهمه.

لكن تعدد حركات السخط المناهضة للعولمة أثناء اتخاذ القرارات على المستوى العالمي، يؤكد لنا في كل مرة وجود عالم محلي ليس بمهيمن على معايير وقيم السياسة العالمية، يسعى لإيصال صوته وإحداث تغيير في هذه السياسيات. إن هذا المنطق الثنائي غير القابل للتوليف (التركيب المزج بين شروط الوحدة التي تستدعيها عملیات وضع مشروعات الضبط العالم في مختلف المجالات، وضروره اذ بعين الاعتبار التعددية الموجودة على المستوى محلي، والتي لا تستوجب عمليات الاحتراں ونفي الأخر، يستدعی الحديث عن حوكمة عالمية عادلة ومتكافئة وغير إقصائية، لا تقتصر فقط على مناقشات معيارية حول "حوكمة عالمية أكثر"، بل تمتد لمناقشة "حوكمة عالمية أفضل".

تعتبر قضايا حقوق الإنسان من بين أهم القضايا في مجال الحوكمة العالمية التي تأثرت بهذه التغيرات النوعية والبنيوية التي عرفها العالم الحديث، حيث بدأ الاهتمام العالمي بما يتزايد خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، نتيجة للانتهاكات اللاإنسانية التي اقترفت بحق الإنسانية، أين بدأت خلال هذه الفترة حركة دولية لتدوين حقوق الإنسان في اتفاقيات دولية ملزمة، تبلورت خلالها حقوق الإنسان بشكل واضح، وأصبح ينظر إليها من منظور واسع وشامل، حيث أبرمت العديد من الاتفاقيات، الإعلانات، والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، شگلت لنا ما يعرف "بالقانون الدولي لحقوق الإنسان".

لكن، مع نهاية الحرب الباردة، وانتشار العولمة الغربية بشكل كبير، طرحت العديد من الاشكاليات الجديدة في موضوع حقوق الانسان، منها التأثيرات السلبية للهيمنة الليبرالية على الموضوع، أو بالأحرى عولمة القيم الغربية الأمريكية، التي شكلت تحديدا صارخا لباقي القيم العالمية والخصوصياتها وهوياتها المحلية. الأمر الذي جعل الأمم المتحدة في الدورة الرابعة والأربعين (44) لجمعيتها العامة تدعو لتنظيم مؤتمر عالمي ثاني حول حقوق الإنسان، من أجل بناء تصور أكثر عالمية وأكثر عملية لهذا النسق الحقوقي، كما ألخت أيضا على ضرورة تنظیم تصورات جهوية متوافقة مع مراعاة الخصوصية (في آسيا، إفريقيا وأمريكا اللاتينية)، بالإضافة إلى دعوتها لضرورة إشراك المنظمات الحقوقية - الحكومية وغير الحكومية - في ذلك. وهو الشيء الذي تجسد فعليا في إعلان و برنامج عمل فيينا 1993م، خصوصا في مواده 5، 32، 37، 38 من الفصل الأول.

عند الحديث عن حوكمة عالمية لحقوق الإنسان، لابد من التنبيه إلى التطورات الكبيرة التي عرفها الضبط العالمي لحقوق الإنسان، والتي تراوحت بين العديد من النماذج تماشيا مع المفاهيم المختلفة التي عرفها مفهوم الحوكمة العالمية. إن فهمنا الجيد للعلاقات الموجودة بين مفاهیم حقوق الإنسي، الحوكمة العالمية والعميمة، يوقر الشروط الضرورية النموذج حوكمة عالمية لحقون الإنسان، اه ومسروحه، تستجيب لكل الكيانات والهويات والعقائد المشكلة للمجتمع العالمي، آخذ بعين الاعتبار الوحدة المتعددة ( Multi-unit ) لهذا العالم. 

1/أهمية وأهداف الدراسة :

تظهر أهمية أي دراسة في طبيعة الموضوع الذي تعالجه، والاشكالية التي تطرحها، بالإضافة إلى النتائج التي يرجى التوصل إليها. إضافة إلى أثرها في النقاشات المهتمة بنفس الموضوع، وفي الحقل المعرفي الذي طرحت ضمنه بشكل عام، سواء فيما يتعلق بشرح وتوضيح الأفكار الغامضة، أو إضافة أفكار جديدة في الإطارين المعرفي والعلمي بشأن الظاهرة المدروسة. خصوصا – والأهم – إذا كانت افتراضات ونتائج الدراسة تستجيب المتطلبات البيئة المستهدفة.

أ- أهمية الدراسة: تنبع أهمية موضوع الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان من خلال : 

1- الجدة التي تتميز بها وحداته الأساسية: : ظاهرة العولمة: التي أصبحت حقيقة معطاة وجب التأقلم معها، والبحث عن مقاربات ونماذج عالمية تستجيب للشروط التي وضعتها هذه الظاهرة. : مفهوم الحوكمة: الذي أصبح من الركائز الأساسية في أدبيات العلوم السياسية، التحليل مختلف الظواهر السياسية، وفق المقاربات التفاعلية البعيدة عن السلطة الدولاتية الكلاسيكية (مقاربة تحليلية جديدة). 
- موضوع حقوق الإنسان: الذي كان ولا يزال من المواضيع الأكثر حركية، نظرا الأهميته في عديد العمليات أو المقاربات، مثل: الديمقراطية، التنمية البيئة ... الخ. بالإضافة إلى الطروحاته الجديدة للموضوع، واك تضع الإنسان ضمن أولويات المشاريع الإنسانية.

2- الأنواع المتعددة للضبط التي عرفها موضوع حقوق الإنسان، وذلك انطلاقا من مختلف مشاريع الضبط الوضعية التي كانت تحت الإشراف المباشر لدول العالم القوية، والتي لم تتفق بينها حتى على نموذج معين من الحقوق. بل بالعكس أدخلت هذا الموضوع في صراعاتها الكثيرة (الاقتصادية، السياسية، الثقافية، والفكرية ...). 

حيث اعتبرت حقوق الإنسان من بين أهم مواضيع الصراع الايديولوجي، التي عرفتها دول العالم الغربي بقطبيه الرأسمالي والاشتراكي بعد الحرب العالمية الثانية (1945م)، والتي لم يفصل فيها إلا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة، ليفتح المجال لهيمنة أحادية على العالم من طرف الولايات المتحدة الأمريكية. لكن التجليات الكبيرة لظاهرة العولمة، والصراعات الفكرية الحادة التي صاحبتها، أدت إلى ظهور ضبط جديد لحقوق الإنسان ميزته الخلو من أي بعد إيديولوجي، سیاسي، اقتصادي، قيمي ديني... الخ، ولا يركز إلا على إنسانية الإنسان. 

3- الإشكاليات الحديثة التي تواجه موضوع الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان والتي اختلفت عن سابقاتها مثل: العالمية والعولمة، العالمية والخصوصية، كل هذا في ظل التأثيرات العميقة للعولمة، وما نتج عنها من تغييرات في السياسية الدولية.

ب- أهداف الدراسة: تتجلى أهداف الدراسة في النقاط التالية: 

1- تتبع التطورات المختلفة التي عرفتها الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان، منذ أن كانت عبارة عن مبادرات فردية ذاتية خاصة بدول، إلى أن أصبحت مبادرات جماعية موضوعية خاصة بالبشرية جمعاء. 

2- فهم مختلف التحولات التي طرأت على منظومة حقوق الإنسان وفق المنظورات التحليلية الجديدة، وبالأخص منظور "الحوكمة العالمية". 

3- التطرق إلى أحدث الأفكار في موضوع حقوق الإنسان - التي تأثرت بشكل كبير بظاهرة العولمة - والتي تمهد لبناء مشروع ضبط عالمي خالي من أي بعد أو مرجعية، إيديولوجية كانت أو قيمية دينية. والوصول إلى حوكمة عالمية لحقوق الإنسان، غايتها احترام إنسانية الإنسان، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الثقافية والحريات المتعددة، تجسيدا لمفهوم "الوحدة المتعددة". 

2/أسباب اختيار الموضوع :

من بين أهم الأسباب التي دفعتنا إلى اختيار موضوع الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان، وتناوله بالبحث والتحليل، ما يلي:

أ- الأسباب الذاتية : 

أولا/ الرغبة الدائمة في دراسة المواضيع المتعلقة بالإنسان خصوصا من الجانب القانوني والفكري، وذلك من أجل إثراء مهاراتي الشخصية في المجال المهني، الذي يعتبر فيه الإنسان أقدس الأولويات. 

ثانيا/ محاولة فتح نقاشات نظرية جديدة في موضوع حقوق الإنسان، تكون تمهيدا لدراسات أكاديمية لاحقة، سواء في المسار العلمي الأكاديمي أو المهني الخاص. 

ثالثا/ العمل على إضافة لبنة جادة حول هذا الموضوع، تكون كمساهمة جديدة ومفيدة .


ب- الأسباب الموضوعية :

 أولا الحيوية والديناميكية التي يمتاز بها موضوع حقوق الإنسان عبر الإطارين الزمان والمكاني ، وتأثره بكل مجرياتهما، التي تفرض علينا تتبع التغيرات التي طرأت عليه ودراستها. ثانيا /تعدد مشاريع الضبط واختلاف أسسها ومنطلقاتها، وارتسام معالم ضبط عالمي جديد حوكمة عالمية). 

ثالثا/انحصار أغلب الدراسات حول هذا الموضوع في جوانب محدودة منه، ونقص الدراسات الشاملة. رابعا/ محاولة فتح نقاش فكري جديد في مجال حقوق الإنسان، أو بالأحرى طرح أهم الإشكاليات الحديثة الي جت حول هذا الموضوع، كالطروحات الجديدة بخصوص
حوكمته عالميا. 

3/حدود الدراسة:

الموضوع الرئيسي لهذه الدراسة هو "حقوق الإنسان"، والذي يعتبر موضوع متشعب المجالات ومطروح في كل الأمكنة والأزمنة. لكن، ومن أجل تحقيق الأهداف المنشودة في هذا البحث، وجب علينا تحديد نطاق الدراسة التي هي كالآتي: 

• النطاق الزمني: تركز الدراسة على فترة زمنية يمكن أن نقول عنها بأنها حديثة نوعا ما مقارنة بقدم الموضوع، وتشمل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى غاية الوقت الحاضر. غير أن مقتضيات الإلمام بجميع جوانب الموضوع تستدعي العودة إلى مراحل قديمة سابقة، على سبيل تتبع أهم التطورات التاريخية التي عرفها موضوع حقوق الإنسان منذ العصور والحضارات القديمة جدا، وصولا إلى آخر مبادرة في هذا الموضوع وهي مؤتمر وإعلان برنامج عمل فيينا +20. 

وبالتالي فالإطار الزمني المحوري للدراسة سيركز على الفترة الممتدة من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى غاية التطورات الأخيرة الحاصلة في السياسة الدولية، بالتزامن مع تغيرات نوعية وبنيوية كثيرة مست مختلف مفاهيم التنظيم السياسي والاجتماعي .

• النطاق الموضوعي: تقتصر الدراسة على تناول البدايات الأولى لحوكمة موضوع حقوق الإنسان عالميا، انطلاقا من الاعلان العالمي لحقوق الانسان مختلف الجهود الدولية - في الموضوع - التي تلته فيما بعد ، مع تأثر هذا المزضوع في ظاهرة العولمة وتناوله للإشكاليات الجديدة، إلى غاية آخر مؤتمر عالمي لحقوق الإنسان بفيينا +20 في سنة 2013. 

هذا كما أن الموضوع لا يتناول دور دعائم الحوكمة، لأن الدراسة لا تبحث بمساهمة كل داعم منها على حدى في مجال حقوق الإنسان أو تقییم دوره، بل تتناول مختلف الجهود العالمية في حوكمة حقوق الإنسان وعلى رأسها الأمم المتحدة. 

4/إشكالية الدراسة:

يعتبر موضوع حقوق الإنسان من بين أهم المواضيع التي تسعى الحوكمة العالمية الضبطها، نظرا للأهمية المباشرة لهذا الموضوع في الحياة اليومية للإنسان / الفرد، وتداخله مع عديد المواضيع (الديمقراطية التنمية البيية .. الخ). هذا بالإضافة إلى تأثره الكبير بمختلف التغيرات في الساحة السياسية الدولية التي أنتجتها العولة إنطلاقا من هذا صيغت إشكاليتنا كالتالي :
"ما مدى مساهمة مختلف التغيرات الحاصلة في الساحة السياسية الدولية وفي مقدمتها العولمة في تحديد معالم الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان ؟"
وللإجابة على هذه الإشكالية المركزية نطرح التساؤلات الفرعية التالية : 

- ما هي العولمة ؟ وما معنى العالمية ؟ ثم ما الفرق بينهما ؟  ما المقصود بالحوكمة العالمية ؟ وما هي أهم المواقف المحددة في تعريفها ؟  ما هي حقوق الإنسان ؟ وفيما تتمثل مختلف الحقب التاريخية البارزة التي مرت بها ؟  كيف تحسدت الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان على أرض الواقع ؟ و ما هي أبرز سمات انتشارها ؟ وما هي أهم العقبات التي واجهتها ؟  كيف أثرت ظاهرة العولمة - التي عرفتها البشرية وبشكل كبير عقب نهاية الحرب الباردة - على الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان؟  ما هو مستقبل الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان في ظل التجليات العميقة العميقة للعولمة ؟

5/فرضيات الدراسة : 

من خلال محاولتنا للإجابة على الإشكالية الرئيسية السابقة، نطرح مجموعة من الفرضيات جاءت كالتالي : 
• البدايات الأولي والفعلية للحوكمة العالمية لحقوق الانسان كانت مع صدور أول إعلان عالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 عن هيئة الأمم المتحدة . 
• إن الصراع الفكري والإيديولوجي والقيمي في موضوع حقوق الإنسان هو الذي ساهم في حوكمة الموضوع عالميا . 
• كلما كانت الحر العالمية لحقوق الانسان فحمة للوحدة المتعددة لهذا العالم، كلما كنا أمام حوكمة عالمية لحقوق الإنسان أقل انتقادا وأكثر فاعلية. 
• إن العولمة التي تعتبر كظاهرة إنسانية لها أثر كبير في الانتقال من حوكمة عالمية لحقوق الإنسان أكثر، إلى حوكمة لحقوق الإنسان أفضل.
• كلما كانت هناك تصورات عالمية لحماية حقوق الإنسان يشارك في إعدادها مختلف الفاعلين في الساحة الدولية، كلما كتا أمام حوكمة عالمية لحقوق الإنسان تتمتع بالحماية الفعلية. 
• إن معظم التغيرات السياسية الدولية الحاصلة في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى غاية اللحظة كانت لها مساهمات كبيرة في حوكمة موضوع حقوق الإنسان عالميا. 

6/ الاقترابات والمناهج :

يعد موضوع المناهج العلمية من الموضوعات الجوهرية في قيام الدراسات وإعداد البحوث وتطبيق نتائجها في مجال العلوم الإنسانية والطبيعية على حد سواء، وينظر إلى المنهج العلمي على أنه الأساس السليم للحصول على بيانات سليمة ومعلومات دقيقة، والتوصل إلى نتائج موثوق بها ووضع توصيات قابلة للتطبيق. 

وتبعا لهذه الأهمية فقد ظهر علم مستقل يتناول دراسة المنهج أو المنهجية، إذ من المتعارف عليه أن العلم لا يكون علما إلا بوضوح المنهج الذي يعتمد عليه  الباحث هو الطريق الواضح البين المستقيم المنبسط، وهو أيضا الأسلوب أو الطريقة التي يعتمد عليها الباحث.
ولأن طبيعة الموضوع هي التي تحدد المنهج المتبع، فإن موضوع الحوكمة العالمية لحقوق الانسان، يفرض علينا اعتماد منهج مركب تحدده طبيعة الدراسة. وتشمل المقاربة المنهجية ما يلي: 

- منهج البحث التاريخي: تم الاعتماد عليه من خلال تتبع تطور حقوق الإنسان خلال مختلف المراحل التاريخية، إلى غاية أهم التطورات الخاصة بالموضوع في العصر الحديث.
وكذلك من خلال تتم التأصيل التاريخ لكل من ظلمت العيلة والعالمية. 
- المنهج المقارن: تم الإستعانة به في الفصل الأول، من خلال المقارنة بين ظاهرتي العولمة والعالمية، والوقوف على أهم التشابهات والاختلافات بينهما. 
- منهج تحليل المضمون: الذي يساعد على تحليل مضمون مختلف المواثيق واللوائح والمؤتمرات الدولية، التي تطرقت إلى موضوع حقوق الإنسان. 
- مقاربة حقوق الإنسان: وتم الاعتماد على هذه المقاربة في كافة عناصر البحث، وذلك بغرض تتبع التطورات المختلفة التي مرت بها الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان. 
- مقاربة الحوكمة العالمية: باعتبارها أداة تحليلية ومفاهيمية جديدة، تنظر في قضايا السياسة العالمية المتعددة بشكل مختلف عما دأب عليه حقل العلاقات الدولية منذ تأسيسه.

7/صعوبات الدراسة: 

تجدر الإشارة إلى أن الصعوبات التي واجهت إنجاز هذا البحث تمثلت أساسا في طبيعة الموضوع الذي يمتاز بالتعقيد والغموض، خاصة بالنسبة لظاهرة معقدة وجديدة مثل "الحوكمة العالمية"، إلى جانب مختلف التغيرات الحاصلة في الساحة السياسية الدولية. ضف إلى ذلك نقص المادة العلمية المتخصصة والمتعمقة خاصة باللغة العربية، ما دفعنا للجوء إلى الترجمة من اللغتين الفرنسية والإنجليزية، لتتبع وجمع كل ما كتب حول الموضوع. 

وهو أمر من الصعب التعامل معه بالنظر إلى الوقت و الإمكانات و خبرة الباحث، وعلى هذا الأساس فإن هذا العمل المتواضع يعتبر بادرة أولية قد تفتح المجال للعمل والبحث المتواصل في هذا الموضوع.

8/تبرير الخطة: 

ارتأينا الاعتماد في هذه الدراسة على خطة منهجية متكونة من: 

مقدمة، ثلاثة فصول وخاتمة. 

- الفصل الأول: المعنون ب "إطار مفاهيمي تحليلي".
ويتضمن ثلاثة مباحث خصصنا للحث الأول منه لتعيفي كل من مفهوم العولمة والعالمية، وطرح أهم أوجه التشابه و الإختلاف بينهما " منأجل التفريق بينهما أثناء استعمالهما في البحث. 

أما المبحث الثاني فيتضمن مطلبين اثنين، حاولنا من خلالهما تحليل مفهوم الحوكمة العالمية كمفهوم مؤطر لموضوعنا، من خلال التعرف على مفهوم الحوكمة أولا، ثم محاولة استكشاف أهم المواقف التعريفية اتجاهه في الأوساط السياسية والأكاديمية خاصة. 

أما المبحث الثالث فيلقي الضوء على مفهوم حقوق الإنسان، من خلال التعريف بمقاربة حقوق الإنسان وأهم تصنيفاتها وخصائصها، هذا من جهة. من جهة أخرى، التعرف على أهم التطورات التاريخية التي عرفتها هذه المقاربة من العصور القديمة إلى غاية الوقت الحالي.

- الفصل الثاني: والذي تم عنونته ب" حقوق الإنسان وجهود التكریس: نحو حوكمة عالمية أكثر لحقوق الإنسان."
وقد قسمناه إلى أربعة مباحث أساسية، المبحث الأول تناول بالدراسة والتحليل البدايات الأولى للحوكمة العالمية لموضوع حقوق الإنسان، وذلك من خلال شرح وتحليل فحوى أول إعلان عالمي لحقوق الإنسان، والصادر بتاريخ 1948/12/10 م، وتتبع مراحل نشأته بالتفصيل، إلى غاية الوصول إلى إشكالية قيمته القانونية. 

أما المبحث الثاني فتم تخصيصه لتناول أهم الجهود الدولية والإقليمية من أجل حوكمة عالمية أكثر لحقوق الإنسان، وذلك بعد صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أين تم التطرق إلى أهم الجهود الدولية في إطار منظمة الأمم المتحدة كهيئة فوق دولية، بالإضافة إلى الجهزد  الإقليمية: الأوروبية، الأمريكية، الإفريقية، العربية والآسيوية، حيث تم التطرق لمعظم الاتفاقيات الدولية والاقليمية التي سعت إلى تحقيق هذا الهدف. 

أما المبحث الثالث فتناول بالبحث أهم الآليات الدولية والإقليمية لحماية وضمان حقوق الإنسان، متطرقين لكل آلية على حدى، ولمدى إلزاميتها وفعاليتها. 

أما المبحث الرابع والأخير فتم التطرق فيه إلى أهم العقبات المواجهة للحوكمة العالمية لحقوق الإنسان في تلك المرحلة -أي قبل التجلي الكبير لظاهرة العولمة - والتي تعددت بين عقبات إيديولوجية تحلت في الصراعات الإيديولوجية - رأسمالية / اشتراكية - العقبات الحضارية الفكرية، بالإضافة إلى العقبات المادية والتقنية. 

- الفصل الثالث: المعنون " العولمة وحقوق الإنسان نحو حوكمة عالمية أفضل الحقوق الإنسان".
تم تقسيم الفصل إلى ثلاثة مباحث أساسية. 

الأول تناول إشكالية جد مهمة حول موضوع حقوق الإنسان خصوصا مع بداية تحليات العولمة، ألا وهي "إشكالية العالمية والخصوصية في موضوع حقوق الإنسان". حيث تم التطرق إلى الاتجاهين الذين تجاذبا هذه الفكرة وأنصار وحجج كل اتجاه على حدى، إلى غاية الوصول إلى نقطة التقاطع بينهما، النصل في الأخير إلى حل توفيقي بين الاتجاهين. 

أما المبحث الثاني المعنون با حقوق الإنسان في إعلان و برنامج عمل فيينا لسنة 1993م، والذي تطرقنا فيه إلى أهم تحكي قانوني لظاهرة العولمة على موضوع حقوق الإنسان، من خلال النقاط الجديدة التي أتى بها إعلان وبرنامج عمل فيينا، والتي كانت تعتبر ردا على أهم النقاط المعابة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مثل: العالمية، الخصوصية والترابط، التي أخرجت الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان من النقاش الفكري التقليدي ووضعتها في سياق جديد من النقاش. 

أما المبحث الثالث والأخير فتطرقنا فيه إلى تأثير التغيرات الدولية الراهنة على حقوق الإنسان - أو بالأحرى التأثيرات العميقة للعولمة عليه- حيث تناولناه من خلال أحداث 2001/09/11 ، وما صاحبها من ظواهر دولية جديدة مثل: الإرهاب، الهجرة السرية، ومختلف قضايا التنمية. لنصل في الأخير إلى طرح إشكالية مستقبل الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان من خلال مجريات مؤتمر وإعلان فيينا.
- وفي الأخير الخاتمة، التي هي عبارة عن مجموعة الاستنتاجات المستخلصة من البحث، بالإضافة إلى إثبات صحة الفرضيات المطروحة (كليا أو جزئيا).

---------------------------
لائحة المراجع :
1-القرآن الكريم، برواية ورش عن نافع، وزارة الشؤون الدينية، طبع بالمطبعة الوطنية للفنون ،وحدة الرغاية، الجزائر، 1551.
3- أوصديق، فوزي ،دراسة في مصادر حقوق الإنسان، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثالثة، 1009.
1- إيليا أبو ماضي، رودريك ،موسوعة العولمة والقانون الدولي الحديث: بين الواقعية السياسية والحاكمية العالمية ،بيروت/لبنان، منشورات الحلبي الحقوقية، 1012.
4- بوح وش، عمار، والذبيان، محمد محمود ،مناهج البحث العلمي وطرق إعداد البحوث العلوم، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الرابعة، 1007 .
5- الجابري، محمد عابد ،الديمقراطية وحقوق الإنسان، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثالثة، 1004.
6- جاسم، محمد زكرياء ،مفهوم العالمية في التنظيم الدولي المعاصر: دراسة تأصيلية
تحليلية ناقدة في فلسفة القانون الدولي، سوريا، منشورات الحلبي للحقوق، سنة 1009.
3- جندلي، عبد الناصر ،تقنيات والمناهج البحث في العلوم السياسية والاجتماعية، وديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1009 .
3- الدباس، علي محمد صالح، وعليان محمد أبو زيد، علي، عمان ،حقوق الإنسان
وحريته، ودور شرعية الإجرائات الشرطية في تعزيزها، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع،1009.
9- الدقاق، محمد السعيد، وبسيوني، محمد شريف، ووزير، عبد العظيم ،حقوق الإنسان، المجلد الأول ،الوثائق العالمية، الطبعة الثانية، بيروت، دار العلم للملايين ،1511.
32- هلال، علي الدين وآخرون ،الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي، ط4، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية ،1551.

تعليقات